وأما أصحاب الفيل : فإن أبرهة بن الصباح الأشرم ـ ملك اليمن من قبل كنيسة بناها أبرهة بصنعاء ، وكان يعظمها ، ويريد أن يصرف الحج إليها ، وساق معه الفيل ، فلما بلغ المغمّس (١) عبّأ جيشه ، وقدّم الفيل ، فكانوا إذا وجهوه إلى الحرم برك ولم يبرح ، وإذا وجهوه إلى اليمن ـ أو إلى غيره من الجهات ـ هرول ، فأرسل الله تعالى طيرا سوداء ـ وقيل : خضراء ، وقيل : بيضاء ـ مع كل طائر حجر فى منقاره ، وحجران فى رجليه أكبر من العدسة وأصغر من الحمصة ؛ فكان يقع على رأس الرجل فيخرج من دبره ، ففروا ، وهلكوا فى كل طريق ، وتساقطت أنامل أبرهة ، وما مات حتى انصدع صدره عن قلبه ، وانفلت وزيره أبو يكسوم وطائر يحلق فوقه حتى بلغ النجاشى ، فقص عليه القصة ، فلما أتمها وقع عليه الحجر ، فخر ميتا بين يديه.
وخبر أصحاب الفيل أطول من هذا ، وهذا ملخص منه (٢).
__________________
(١) المغمس : بفتح الميم الأولى وبضمها : واد قريب من مكة من ناحية الشرق (الروض الأنف ١ / ٦٨).
(٢) السيرة لابن هشام ١ / ١٠٥ ، الروض الأنف ١ / ٦٨ وما بعدها ، وأخبار مكة للأزرقى ١ / ١٣٧ ـ ١٥٤ ، وتفسير ابن كثير ٨ / ٥٠٣ ـ ٥١١.