وليس لأحد من الأثر فى النفقة فى عمارته مثل ما للمهدى ، فالله يثيبه ، واسمه إلى الآن فى سقف المسجد الحرام قريبا من منازة الميل.
وممن عمره من غير توسعة عبد الملك بن مروان ، رفع جدرانه وسقفه بالساج.
وعمره ابنه الوليد ، وسقفه بالساج المزخرف ، وأزّره من داخله بالرخام.
وذكر السهيلى فى خبر عمارته ما يستغرب ؛ لأنه قال : فلما كان ابن الزّبير ، زاد فى إتقانه لا فى سعته.
والمستغرب من هذا كون ابن الزّبير لم يوسع المسجد الحرام (١) ، لاشتهار خبر توسعته له.
ومما زيد فى المسجد الحرام بعد المهدى : زيادة دار الندوة بالجانب الشمالى ، والزيادة المعروفة بزيادة باب إبراهيم بالجانب الغربى.
وكان إنشاء زيادة دار الندوة فى زمن المعتضد العباسى.
وكان ابتداء الكتابة إليه فيها فى سنة إحدى وثمانين ومائتين (٢) ، والفراغ منها فى سنة أربع وثمانين فيما أظن ، وكان أبوابها إلى المسجد الكبير على غير صفتها اليوم ، ثم عملت على الصفة التى عليها اليوم فى سنة ست وثلثمائة (٣).
وكان عمل زيادة باب إبراهيم فى سنة ست وسبعين وثلثمائة.
ووقع فى المسجد الحرام بعد الأزر فى عمارات كثيرة جدا ، وقد ذكرنا من ذلك طرف فى أصله.
وعمّر منه فى عصرنا جانب كبير ؛ وسبب ذلك أنه فى ليلة السبت الثامن والعشرين (٤) من شوال سنة اثنين وثمانمائة ظهرت نار من رباط رامشت ، فتعلقت بسقف المسجد الحرام ، وعمت بالحريق الجانب الغربى ، وبعض
__________________
(١) الروض الأنف ١ / ٢٢٤.
(٢) إتحاف الورى ٢ / ٣٤٩ ـ ٣٥١ ، وأخبار مكة للأزرقى ٢ / ١١١ ، ١١٢.
(٣) إتحاف الورى ٢ / ٣٦٦.
(٤) فى إتحاف الورى ٣ / ٤٢٠ : «ثامن عشر».