وأما المقامات التى هى الآن بالمسجد الحرام : فأربعة ، وهى أسطوانتان من حجارة عليهما عقد مشرف من أعلاها ، وفيه خشبة معترضة فيها خطاطيف للقناديل ، إلا مقام الخليل : فإنه أربعة أساطين عليها سقف مدهون مزخرف ، وكان عمله على هذه الصفة فى آخر سنة إحدى وثمانمائة ، وكمل فى أول التى تليها ، وكان عمل المقامات الأخرى على ما ذكر فى سنة سبع وثمانمائة رغبة فى بقائها ، وما ذكر من صفاتها الآن هى غير صفاتها السابقة.
وقد أفتى جماعة من العلماء من المذاهب الأربعة ، منهم : شيخنا شيخ الإسلام سراج الدين البلقينى (١) ، وابنه مولانا شيخ الإسلام قاضى القضاة جلال الدين (٢) : بوجوب هدم مقام الحنفية المشار إليه لما فيه من الحدث وغير ذلك ، ورسم ولى الأمر بهدمة ، ثم ترك لمعارضة حصلت فى ذلك.
ومقام الشافعى : يلى مقام إبراهيم.
ومقام الحنفى : يلى الحجر ، يسكون الجيم.
ومقام المالكى : يلى دبر الكعبة.
ومقام الحنبلى : يلى الحجر الأسود.
وفى أصل هذا الكتاب ذرع ما بين كل مقام والكعبة.
وأما كيفية صلاة الأئمة بها : فإن الشافعى يصلى أولا ، ثم الحنفى ، ثم المالكى ، ثم الحنبلى.
وتقديم الحنفى على المالكى حدث بعد التسعين وسبعمائة ، إلا صلاة المغرب فقط فيصلونها مجتمعين.
وقد انفرد الشافعى بصلاة المغرب فى أيام الموسم من سنة إحدى عشرة وثمانمائة إلى موسم سنة ستة عشر وثمانمائة.
__________________
(١) هو : عمر بن رسلان بن نصير : برع فى الفقه وأصوله ، وتولى القضاء ، وتأهل للتدريس والفتيا ، توفى سنة ٨٠٥ ه (الضوء اللامع ٦ / ٩٠٦).
(٢) هو : عبد الرحمن بن عمر بن رسلان ، توفى سنة ٨٢٤ ه (الضوء اللامع ٤ / ١٠٦ ـ ١١٣).