خيمة ، فخرج إليه صاحب الخيمة ، فقال : يا عبد الله ، قم من ظلنا ، فقام عيسى ، فجلس في الشمس ، وقال : ليس أنت الذي أقمتني إنّما أقامني الذي لم يرد أن أصيب من الدنيا شيئا.
أخبرنا أبو سعد بن البغدادي ، أنبأنا أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن أحمد بن القاسم ، وأبو عمرو بن مندة ، قالا : أنبأنا الحسن بن حمد بن أحمد ، أنبأنا أحمد بن محمّد بن عمر ، حدّثنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدّثني علي بن أبي مريم ، عن زهير أبي سعيد الموصلي ، قال :
أخبرت أن عيسى بن مريم دخل ذات يوم خربة ، فمطرت السماء ، فنظر إلى ثعلب قد أقبل مستديرا (١) بذنبه حتى دخل جحره ، فقال : الحمد لله الذي جعل لكلّ شيء مأوى إلّا عيسى بن مريم لا مأوى له ، فإذا هو بصوت : يا ابن مريم ادخل الفجّ ، فدخل الفجّ ، فإذا هو برجل قائم يصلّي ، فأقام عنده ثمانية عشر يوما ينتظره لينفتل من صلاته فيكلمه ، فلمّا انفتل قال له : يا عبد الله ما الذي أذنبت؟ [فأقبل](٢) العابد على البكاء وقال : يا روح الله ، أذنبت ذنبا عظيما ، قال : وما هو؟ قال : قلت يوما لشيء كان : يا ليته لم يكن.
أخبرنا أبو القاسم العلوي ، أنبأنا أبو الحسن المقرئ ، أنبأنا أبو محمّد المقرئ ، أنبأنا أبو بكر الدينوري ، حدّثنا محمّد بن يونس البصري ، حدّثنا الحسن بن علي الخلّال ، أنبأنا المعتمر بن سليمان التيمي ، قال (٣) :
خرج عيسى على أصحابه وعليه جبّة من صوف ، وكساء وتبّان (٤) ، حافيا ، باكيا ، أشعث (٥) ، مصفر اللون من الجوع ، يابس الشفتين من العطش ، فقال : السلام عليكم يا بني إسرائيل ، أنا الذي أنزلت الدنيا منزلتها بإذن الله ، ولا عجب ولا فخر ، أتدرون أين بيتي؟ قالوا : أين بيتك يا روح الله؟ قال : بيتي المساجد ، وطيبي الماء ، وإدامي الجوع ، وسراجي القمر بالليل ، وصلاتي في الشتاء مشارق الشمس ، وريحاني بقول الأرض ، ولباسي الصوف ، وشعاري خوف ربّ العزة ، وجلسائي الزّمنى والمساكين ، أصبح وليس لي شيء ، وأمسي
__________________
(١) كذا بالأصل ، وفي المختصر : «مستذفرا». راجع ما كتبه محققه في حاشيته.
(٢) الزيادة للإيضاح عن المختصر.
(٣) من طريقه رواه ابن كثير في البداية والنهاية ٢ / ١٠٤ وقصص الأنبياء ٢ / ٤٢٥ ، وقال في آخره : رواه ابن عساكر.
(٤) التبان : سراويل صغير ، مقدار شبر ، وقيل إلى ما فوق الركبة (اللسان).
(٥) كذا بالأصل ، وفي المختصر والمصادر : شعثا.