الطباعية التي أدت إلى ضياع الرسم الحقيقي لاسم الموضع أو النسبة التي نسب إليها المترجم له. فحين يقال مثلا : علي السنكباني (ص ٨٧) ثم نقرأ : السكاني (ص ١٢٩) فلا نعلم من هو الصواب. والحقيقة هي أن الرجل هو : السنكباثي كما هو وارد في صفحات كثيرة من الكتاب (انظر مثلا : ص ٢١٩ ، ٢٢١ ، ٢٤٠ ، ٢٤١ ...) ولقد وردت نسبة الكبوذبخكثي بهذا الشكل على ما يزيد على اثنتي عشرة مرة (انظر مثلا : ص ٧٩ ، ١٠٠ ، ١٢٣ ، ١٧٤ ، ١٥٧ ، ٣٦٩ ، ٣٧٩ ، ٤٧١ ، ٤٨٠ ، ٥٠٨ ، ٥١٠ ...) مما يولّد قناعة لدى القارئ بأن الشكل الصحيح لهذه النسبة هو هذا. لكننا نقرأ في ص ٥١٠ وفي ترجمة واحدة ثلاثة أشكال لها وهي : الكبوذبخكثي ، والكبذوبخكثي ، الكبودنجكثي. فما هو الصحيح يا ترى؟ الحقيقة هي أن ناسخ المخطوطة قد كتبها في الورقات ٢٠ ب ، ٢٨ أ، ٣٦ أ، ٤٧ ب ، ٥٤ أبشكل الكبوذبجكثي (دون أن يضع نقطة تحت الحرف الذي يلي الذال لنعلم هل هو باء أم نون أم غير ذلك ، ثم عاد الناسخ في الورقة ١٢٩ ب ليكتبها : الكبوذبخكثي ، ثم ابتداء من الورقة ١٣٣ ب بدأ بكتابتها بشكل : الكبوذنجكثي واستمر بكتابتها بهذا الشكل ، والصواب هو كتابتها بهذا الشكل الأخير. ويمكن أن يسوّغ منضّد الحروف عمله بأنه وجد الكلمة كذلك في المخطوطة ، وهو عذر غير مقبول مع وجود مصادر التراث العربي ، إذ كان يكفي الرجوع مثلا إلى الأنساب للسمعاني لمعرفة صحيح تلك النسبة. ونقرأ في ص ١٣٧ : «فحمّ صالح جمّانا فصنا» ، ولا ندري ما هذا اللغز ؛ والصواب هو : «فحمّ صالح حمّى نافضا» وهي الحمى التي يشعر فيها الإنسان بالبرد مما يجعله يرتجف ويطلب الدثار. ثم نقرأ في ص ٤٨٣ قول الفضيل بن عياض : «كان جيرد لابي ووالدت بحيرد» ، ونضيع مرة أخرى في لغز آخر. والصواب هو : «كان جيرد لأبي ، وولدت بجيرد». وجيرد اسم قرية كان أبو الفضيل يملكها ، فولد فيها الفضيل.
ويبدو أن خط المخطوطة الجميل هو الذي أغرى ناشرها بتسليمها إلى منضّد الحروف الذي لم يكن يعرف شيئا خارج نطاق عمله فطبع الكلمات بالشكل الذي رآه هو صحيحا ، وأن دور نظر محمد الفاريابي قد اقتصر على كتابة المقدمة ، هذا ما خلصنا إليه من مطالعة طبعة الرياض. وحين لا يعرف منضد الحروف معنى «فدرة لحم» التي تعني قطعة اللحم ، فهو يطبعها : «قدرة لحم» (ص ٢٨) لوجود مناسبة بين القدر واللحم. وكتب الحديث : «زجّوا فإن البركة في التزجية»