حدثنا عبد الله قال : حدثنا محمد بن الحسن قال : حدثنا عمر بن جرير قال : حدثنا أبو سريع الشامي قال : قال عمر بن عبد العزيز لرجل من جلسائه : أبا فلان! لقد أرقت الليلة مفكّرا. قال : فيم يا أمير المؤمنين؟ قال : في القبر وساكنه ؛ إنك لو رأيت الميت بعد ثالثة في قبره لا ستوحشت من قربه بعد طول الأنس منك بناحيته ، ولرأيت بيتا تجول فيه الهوام ويجري فيه الصديد وتخترق الديدان ، مع تغير الريح وبلى الأكفان بعد حسن الهيئة وطيب الريح ونقاء الثوب. ثم شهق شهقة خرّ مغشيا عليه.
قال : وقد قلت :
القبر بيت وحدة ووحشة |
|
وظلمة وحية ودود |
لا يلحق المدفون غوث والد |
|
فيه ولا عون أخ ودود |
٦٠. أبو إبراهيم إسماعيل بن أحمد بن أسد بن سامان بن حيمثيان بن نوشرد بن سامطغان ابن بهرام الملك ، والي خراسان
كان من أفاضل الأمراء ممن يعدل في أحكامه ، مشفقا على رعيته ، به يضرب المثل في حسن الخلق والعشرة والرغبة في الجهاد وقتال الكفرة ، وكان كثير الجند. وهم أربعة إخوة : نصر وإسحاق ويعقوب وإسماعيل ؛ وكلهم يحدثون.
يروي عن أبيه. روى عنه محمد بن قريش المروروذي ، وعبد الرحمن بن محمد القاضي الأبهري ، وعيسى بن محمد بن عيسى كاتبه ، وعبد الله بن محمد بن يعقوب البخاري.
مات ببخارى في صفر للنصف منه سنة خمس وتسعين ومائتين.
قال الوزير أبو الفضل البلعمي : سمعت الأمير أبا إبراهيم إسماعيل بن أحمد [٦٤ أ] قال : أول شيء من الأدب استظهرت ، أدب الكتاب ، ثم استظهرت غريب الحديث لأبي عبيد ، ثم شرعت في الحديث والآداب.
وكان يحسن النحو والإعراب ويحفظ الحديث ويعلم الاختلافات ، ولا يميل إلى فريق دون
__________________
(٦٠) هو إسماعيل بن أحمد الساماني (٢٣٤ ـ ٢٩٥ ه) : سير أعلام النبلاء ١٤ / ١٥٤ ـ ١٥٥ ؛ التدوين ١٢ / ٢٨٩ ؛ الأنساب ٣ / ٢٠١ ؛ تاريخ نيسابور ١٠٨ ؛ تاريخ الإسلام ١٠٨ (حوادث ووفيات ٢٩١ ـ ٣٠٠ ه) ؛ تركستان لبار تولد ٣٤٨ ـ ٣٥٢ ؛ ومصادر أخرى جمة ؛ توضيح المشتبه ٥ / ٢٥٩.