العمق مقبوا عليها ، وبنى أعلاها برجا عظيما مستدير الشكل ، فيه مدافع موجهة إلى كل جهة.
[٥ ـ وصف اصطبل إسماعيل]
وأما الإصطبل ، فلا أظن أنّه وجد إصطبل مثله في العالم ، لأنّ طوله فرسخ وعرضه فرسخ (ـ الفرسخ نحو كيلو مترين ـ مسقّف على أساطين وأقواس عظيمة ، في كلّ قوس مربط فرس ، وبين الفرس والفرس عشرون شبرا ، كان يربط بهذا الإصطبل (١٢) ألف فرس ، مع كل فرس سائس من المغاربة ، وخادم من أسرى الإفرنج (سقى الله تلك الأيام) وفي هذا الإصطبل ساقية للماء مقبّوة الظهر ، يأتي منها الماء إلى كل مربط فرس بثقب خاص. وفي وسط الإصطبل قباب معدّة لوضع سروج الخيل ، وفيه هري متناه في العظمة ، مربّع الشكل ، معقود أعلاه على أساطين وأقواس هائلة ، لوضع أسلحة الفرسان ، وينفذ إليه الضوء من شبابيك من حديد من جهاته الأربع ، وفوق هذا الهري قصر اسمه المنصور ، ارتفاعه مئة ذراع ، وفيه (٢٠) قبة ، في كل قبة طاق عليه شباك من حديد ، يشرف منه أهل القبة على بسيط مكناسة الزيتون ، ويجاور هذا الإصطبل بستان على قدر طوله ، فيه من شجر الزيتون وجميع الفواكه ما يدهش ، ويتخلل هذه القصور التي في داخل القصبة شوراع مستطيلة متسعة ، وأبواب عظيمة فاصلة بين كل ناحية وغيرها ، وساحات ورحاب فسيحة ، إلى غير ذلك مما يتعذّر استقصاؤه.
قال صاحب «البستان» : ولم تزل تلك البنايات على طول الدهر قائمة كالجبال ، لم تخلقها عواصف الرياح ، ولا كثرة الأمطار والثلوج ، ولا آفات الزلازل التي تخرّب المباني العظام ، والهياكل الجسام ، قال : ـ ومن يوم مات المولى إسماعيل والملوك من بنيه وحفدته يخرّبون تلك القصور على قدر وسعهم ، وبحسب طاقتهم ، ويبنون بأنقاضها من خشب وزليج ورخام ولبن وقرميد ومعدن وغير ذلك إلى وقتنا هذا ، وبنيت من أنقاضها مساجد ومدارس ورباطات بكل بلد من بلدان