المحافظين على صحة أهلهما ، وصحة من يتشرّف بأداء المناسك والزيارة فيهما ، بل يكتبون ما ينفّر المسلمين من إقامة هذا الركن العظيم من أركان الإسلام ، ويصدّهم عن إحياء هذه الجامعة العامة التي امتاز بها على جميع الأديان ، فهذا يشكو من شدّة الحرّ ، وذاك يتململ من كثرة النفقة ، وآخر يتبرّم بما يزعم من تقصير المطوفين وطمعهم.
وأغرب من كلّ هذا أنّ منهم من ينتقدون منع البدع والخرافات ، والطواف بالقبور ، والاستغاثة بالأموات ، وإنّ منهم من كتب في هذا الشهر مشنّعا على حكومة الحجاز التقصير في عمارة مسجد الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وتجديد فرشه ، وهو يعلم أنّ حكومة الحجاز الحاضرة على فقرها (١) قد فعلت ما لم تفعله حكومة قبلها ؛ من حفظ الأمن ، وتسهيل السبل ، وتوفير المياه ، والاسعافات الصحية للحاج ، فإنّ هذا قد صار متواترا.
ويعلم أيضا أنّ حكومته (٢) هو قد منعت ما كانت ترسله إلى الحرمين وأهلهما من الأموال والحقوق المقرّرة لهما ، التي كانت ترسلها في كلّ عام ، وأنّ هذه الحقوق هي بعض ما وقفه الملوك والأمراء وأهل البرّ من الأغنياء.
ويعلم أن وزارة الأوقاف تجبي من أوقاف الحرمين في كلّ عام مئات الألوف من الجنيهات ، وتصرفها في غير ما وقفت عليه.
ويعلم أيضا أنّ الحكومة التركية قد استحالت حكومة لا دينية ، وضمّت أوقاف الحرمين إلى أملاكها ، بل هي تمنع من يريد الحج من شعبها ، وحجتها الظاهرة على هذا المنع أنّ الترك أحقّ بأموالهم أن تبقى في بلادهم من أن تصرف في بلاد العرب!!.
__________________
(١) [كتبت هذه المقدمة قبل أكثر من ثمانين عاما].
(٢) [الحكومة المصرية آنذاك].