(Kene Croasset) سبقت له مؤلفات عن الشرق الأقصى : اليابان ، والصين ، ثم عن الهند ـ معدودة في الطبقة العليا من التحقيق والصحة ، وفي هذه الأيام الأخيرة أخرج كتابا عظيما ظهر منه الجزء الأول ، يبحث عن مدنيات آسية من أقرب وقت من العصر الحجري ، ثم المدنية المصرية ، ثم المدنية الكلدانية الآشورية ، ثم المدنية الفارسية القديمة ، ثم المدنية العربية ، ثم المدنية الفارسية في الإسلام ، وكل هذا بالرسوم والصور.
ولا بدّ من أن نجعل في البحث نصيبا لهذا الكتاب ، لأنّه رفع فيه راية بيضاء للعرب ، وفسح لهم مكانا فسيحا عاليا من تأليفه ، يفقأ الحصرم في أعين الشعوبيين المحدثين ، الذين منهم نفر بمصر ، يحاولون أن يغمطوا من فضل العرب ، وأن يغضّوا من قدر حضارتهم ، وأن ينطحوا صخرة مجدهم بقرون عتاد ليس أمامها إلا الوهي (١).
هذا ـ وقد يقول بعضهم : ألا إنّ ما ترويه وتقوله إنما كان في أعصر ماضية خالية ، واليوم قد تحوّل هذا كله ، وحصل الراديو ، والكهرباء ، والبخار ، وأنى لنا أن نباري الإفرنج ، وقد تصرفوا بالطيارات والدبابات ، ووصلوا الدنيا بعضها ببعض باللاسلكي ، والباخرة ، والسيارة الكهربائية ، وغير ذلك.
فإن كان باقيا من ينطق بهذا السخف من الشرقيين قلنا له : إنّك لفي ضلال مبين ، فإنّ الرقيّ الأوروبيّ لم يكن مبدؤه البخار وتموجات الهواء ، وإنما كان مبدؤه النهوض والإرادة ، ومنهما وصل بهم اجتهادهم في البحث والتنقيب إلى استخدام قوة البخار ، وقوة الزيت ، والاستفادة من تموج الهواء.
فأصل الرقي هو إرادة الرقي ، ومعدات الصعود حاضرة لمن شاء
__________________
(١) [هم دعاة الفرعونية وما أكثرهم اليوم].