فأما اللذائذ التي لا يبيحها الشرع ، فإنّ من فضائل الدولة العربية السعودية حظرها ، وسد الأبواب عليها ، والتصلّب في هذا الشأن.
ولقد حرم الحجاز منذ سنتين أو ثلاث حاجّ الأناضول ، لأنّ مصطفى كمال يأبى أن ينفق التركي شيئا من ماله في بلاد عربية ، فهو قد أراد هذا لأجل التوفير على الأتراك بزعمه ، ويا ليته احتاط للتوفير على أمته في الطرق التي ذهبت فيها الملايين من أموالهم إلى جيوب الإفرنج كالخمر والميسر ، والألبسة الإفرنجية ، وما أشبه ذلك ، مما كان السبب في هوي تركية الاقتصادي إلى ما هوت إليه ، ومما لم يعد سرا مخفيا. فمسألة نفقات الحج كانت نقطة من غدير بالنسبة إلى هذه!!.
وكذلك كان من أسباب الثورة النجدية التي استأصل الملك ابن سعود جرثومتها أنّ موقدي تلك الثورة زعموا أنّ الحجّاج الذين يأتون من طريق البحر مشركون ـ هكذا سمعنا عنهم والعهدة على الرواة ـ وطلبوا من ابن سعود أن يسدّ طريق الحج عليهم ، فجادلهم كثيرا في هذه المسألة ، فاصرّوا على غيهم ، فقال لهم أخيرا : وكيف يعيش أهل الحجاز إذا سددنا هذه الطريق عليهم؟ فقالوا له : يرزقنا الله وإياهم ـ وقد غاب عنهم أنّ الرزق له أسباب ، وأنّ الله جعل لكلّ شيء سببا ، وأنّ أعظم أسباب ارتزاق الحرمين هو الحجّ ، وأنّ الله تعالى أنزل في هذه الحقيقة قرآنا غير ذي عوج.
* * *