اعتداء الحكومات الإسلامية
على أوقاف الحرمين الشريفين
من حيث قد قررنا أنّ الأماكن المقدسة في الحجاز لن تبرح مقصدا للمؤمنين من جميع الفجاج ، ومركزا يجذبهم إليه بجاذبيته المعنوية من بين مطلع الشمس ومغربها ، فقد تحتّم على الحكومات والجماعات الإسلامية ـ أحمرها وأسودها ـ أن توجّه العناية إلى إصلاح أحوال هذه البقاع المباركة ، وإجراء المقاصد التي تتحقق بها المناسبة بين طهارتها المادية وقدسيتها المعنوية.
وبديهي أنّ هذه الأمكنة ، وإن كان جيرانها وأصحاب الحلّ والعقد فيها هم من العرب وحدهم ، من جهة أنّها جزء من البلاد العربية ، فليس عمّارها وقصّادها وزوراها من العرب وحدهم ، بل هم من أمم لا يقل عددها عن ثلاثمئة وخمسين مليون نسمة (١) ، فليس من العدل أن تنحصر مهمة تنظيمها وتنظيفها وتوفير وسائل الرفاهة والفراهة فيها بأهاليها الأصليين ، الذين لا يزيد عددهم على مليون نسمة ، والذين لا يتكون منهم إلا جزء من ثلاثمئة وخمسين جزءا.
بل هذه المهمة يجب أن تتوزع على المسلمين جميعا ، حتى يقوموا بها متضافرين ، ولا ينقصهم شيء من شروط الكمال الصوري والمعنوي في هذا الوطن العام الذي يخصّهم جميعا من وجهة العقيدة.
__________________
(١) [هذا عام (١٩٢٩) أما اليوم فقد زاد على المليار].