طمس الدول المستعمرة أوقاف المسلمين
اقتداء بحكوماتهم في الاعتداء عليها
ولما غلبت الدول المستعمرة على القسم الأكبر من العالم الإسلامي ، ووجدت من صنيع الحكومات الإسلامية التي ورثتها ما وجدته في الأوقاف عموما ، وأوقاف الحرمين خصوصا ، حمدت غبّ هذه المفسدة ، واتخذت منا حجة تستظهر بها في طمس الأوقاف الإسلامية ، وإخفاء معالمها ، فإنّها تقول للمسلمين : إنّي لم أفعل شيئا إلا ما كانت حكوماتكم تفعله .. وأجدر بما كان يفعله المسلم بوقفه أن يفعله المسيحي ، وهو لا يعتقد من حرمة مسّ هذا الوقف ما يعتقده المسلم.
إذا ، فالتلاعب بالأوقاف والحبوس كان مبدؤه من المسلمين أنفسهم ، فلما غلب على بلادهم الإفرنج قلّدوهم فيه ، ولم يكن فرق بين الفريقين إلا في أنّ المسلمين كانوا يتملّكون الأوقاف بمرور الزمن ، أو يحولونها عما حبست عليه ، أو يبقونها على اسم الحرمين ، أو أسماء الجهات الخيرية الأخرى ، ويأكلون أكثر ارتفاقاتها ، وأنّ الإفرنج عند ما غلبوا على بلاد الإسلام استولوا على كثير من هذه الأوقاف ، ووهبوها إلى الكنائس ، وإلى جمعيات المبشّرين ، وإلى الرّهبان ، ورأوا بذلك الجمع بين غرضين مهمين :
أما الغرض الأول : فهو طمس هذه الأوقاف من أصلها ، لأنّ الإفرنج