فاضطربت بها بعض دول الاستعمار (١) ، وزلزلت زلزالا شديدا ، حتى قيل لنا : إنّها أغرت حكومة سورية (٢) بمنع نشرها فيها ، وهي أحقّ بها وأهلها ، فانفردت بهذه العداوة للإسلام دون من أغروها بها.
ولما كان سماح الأمير حفظه الله لي بهذا وذاك إعلاما لقارئي «الرسالة» و «الرحلة» بما بيننا من الأخوة الإسلامية الصادقة ، والاتفاق في المقاصد الإصلاحية النافعة للأمة العربية والشعوب الإسلامية ، التي نفخ روحها في كلّ منّا شيخنا الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده بالتّبع لأستاذه موقظ الشرق وحكيم الإسلام السيد جمال الدين الأفغاني ، قدّس الله روحهما ، وأجزل ثوابهما.
هذا وإنّ الأمير ـ أمتع بعلمه وعمله ، ولسانه وقلمه ـ قد وضع للرحلة حواشي كثيرة ، عزوتها إليه في مواضعها ، وكان يجب أن أشير إلى ذلك في ديباجتها ، ولكنني ما علمت بها إلا عند بلوغ أول حاشية منها (٣).
وقد كان لي وقفة ونظر في اقتراحه على الحكومات المختلفة في الدين والسياسة أن تشدّد على حجّاج بلادها الفقراء ، فيما تفرضه من الشروط للسّماح لهم بالّسفر إلى الحجاز ، لا لأنّ هذا الاقتراح منكر في نفسه ، بل لأنّ الحكومات الاستعمارية التي تكره للمسلمين ـ المرزوئين بسيطرتها عليهم ـ أن يؤدوا هذه الفريضة ، لم تقصّر في إرهاقهم بالشروط المالية والصحيّة ، بل أنا أعلم علم اليقين أنّ جميع الدول الاستعمارية تمقت قيام المسلمين بهذه الفريضة ، وتتعاون على صدّهم عنها بما تستطيع من حول وحيلة ، ولو لا مال بواخرها وتجارتها من المنافع من نقل الحجّاج لكان تشديدهم في الصدّ أكبر ، ولكن
__________________
(١) [فرنسة].
(٢) [الخاضعة آنذاك للانتداب الفرنسي].
(٣) [وضعت عقب تعليقات السيد محمد رضا رشيد رحمهالله تعالى كلمة (مصححه) تمييزا لها عن تعليقات الأمير ، أما تعليقاتي فهي بين حاصرتين].