ومن يعرفون أنّ شعر الجاهلية هو الشعر المعروف المنسوب إلى الجاهلية ، وأنّ سوق عكاظ هي التي كانت تقام في أرض الطائف المذكورة ، وأنّ الاشتباه في مثل هذه الأمور خطة جائرة ، وصفقة خاسرة ، ليست من العلم في قبيل ولا دبير.
ولكنّ من الإفرنج أيضا فئة متحذلقة ، متفلسفة في كلّ شيء ، مولعة بالنقض وهدم النظريات المقررة بدون داع إلى ذلك ، سوى الميل إلى الإطراف والإتيان بشيء جديد (١).
وفي الشرق أيضا متنطعون لا يعجبهم إلا تقليد هذه الفئة من الإفرنج (٢).
وإذا جاز أن يكون شعر الجاهلية غير صحيح ، لزم أن تلحق به سوق عكاظ في عدم الصحة ، لأنّها السوق التي كان العرب يتناشدون فيها ذلك الشعر ، الذي زعم بعضهم (٣) أنّه مخترع بعد الإسلام! وعلى هذا تكون سوق المخترع مخترعة أيضا ، لأنّه إن لم يكن المظروف صحيحا ، لم يكن الظرف صحيحا.
* * *
__________________
(١) [وعلى رأس هؤلاء مرغليوث ، وغولدزيهر ، وشاخت ، ورينان ، وماسينيون ، ومن هم على شاكتهم].
(٢) ذهل الأمير أو نسي هنا أنّ هؤلاء المتنطعين من الإفرنج ومقلّدتهم [كطه حسين ومدرسته]. يبنون جلّ فلسفتهم على الشك والتشكيك ، فيجعلون هذا الجهل والتجهيل أقوى وسائل العلم والتعليم ، وقد رد عليهم [الأمير] أحسن الردّ في مقدمته التي وضعها لكتاب «النقد التحليلي لكتاب في الادب الجاهلي» تأليف صديقه وصديقنا الأستاذ محمد أحمد الغمراوي. مصححه.
(٣) [هو د. طه حسين في كتابه «في الشعر الجاهلي» وقد رد عليه غير واحد من أعلام العصر ، ومن أجمع هذه الردود كتاب «مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية» للدكتور ناصر الدين الأسد].