كيفية تشكل الصخور
أو سنة الله في تكوين الأرض وطبقاتها
كانت الأرض من قبل اليوم بمئات ملايين من السنين عرضة لهزاهز بركانية عنيفة ، وكانت يومئذ غير مولدة ولا منبتة ، وكانت سيول الأمطار تغسل الأرض بدون انقطاع ، والأنهار تجري فيّاضة إلى البحار ، وكانت تجرف كتلا عظيمة من الطين ، فتصير بعد صلصالا ، ويصير المرمل منها من نوع حجر المسنّ.
ولقد عرف علماء الجيولوجية هذه الكتل المتجمدة ، وما فيها من مواد ، وحكموا عليها بحسب طبقاتها ، لأنها ذات طبقات ، وعندهم أنّ أقدم الصخور هي التي تكوّنت قبل تكوّن الأبحر المعروفة اليوم ، فإنّ الأرض يومئذ كانت أسخن من أن تتحمّل بحرا منفصلا عن برّ ، وإنما كانت الكرة [الأرضية] في أول الأمر كلّها مائعة ، ومياه البحار الموجودة اليوم كانت بخارا مختلطا بالهواء ، وكانت الطبقات العليا من الهواء ملأى بالسحب المتكاثفة ، التي تمطر مياه حارّة فوق الصخور ، ثم تعود فتتبخر ثانية.
وبهذه الكيفية أخذت الأرض تجمد تدريجا ، وظهرت الكتل التي يقال لها صخور ، وكانت هذه ذات قشرة تحتوي مادة سائلة شبيهة بمقذوفات الأطمات النارية ، عندما تأخذ بالبرودة ، وهذه القشرة كانت على شكل رغوة ، وصارت تذوب ، ثم تجمد ، ثم تذوب ، ثم تجمد ، بدون أن يتسنّى لها صلابة مستمرة.
ثم مضت ألوف من القرون كان من عملها أنّ بخار الفضاء ازداد تكاثفا ، وصار يتساقط ماؤه على الأرض سيولا حارّة ، فيصيب الصخور ، ويملأ المنخفضات والأغواط ، فتكوّنت من امتلاء هذه الغيطان الأبحر والبحيرات والمستنقعات ، وكانت المياه تأتي إلى هذه