قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز (١) الحية إلى جحرها» رواه البخاري (١٧٧٧) ومسلم (٢٣٣) من حديث أبي هريرة.
والمعنى : أنه سيعود إلى المدينة والحجاز كله ، ويأوي إليه كما تعود الحيّة إلى جحرها ، ولا سيّما إذا خافت.
وأعمّ منه وأدلّ على المراد قوله عليه الصلاة والسلام : «إنّ الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ ، وهو يأرز بين المسجدين ، كما تأرز الحية في جحرها» رواه مسلم من حيث ابن عمر (٢٣٢ ـ ١٤٦).
وأعمّ منه وأظهر قوله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الدين ليأرز إلى الحجاز كما تأرز الحيّة إلى جحرها ، وليعقلنّ الدين من الحجاز معقل الأرويّة من رأس الجبل (٢) ، إنّ الدين بدأ غريبا ويرجع غريبا ، فطوبى للغرباء ، الذين يصلحون ما أفسد الناس بعدي من سنّتي» (٣).
والمعنى : أنّ الإسلام سيضعف ويصير غريبا ومضطهدا في الأقطار ، فلا يجد له حصنا ومعقلا إلا الحجاز ، فيعتصم فيه كما تعتصم الأروية في شناخيب الجبال.
وأوسع من ذلك كلّه ، وأدلّ على الباعث عليه ما رواه أحمد (١ / ٢٢٢) والبخاري (٣٠٥٣) ومسلم (١٦٣٧). من حديث ابن عباس
__________________
(١) أرز كعلم : انضم واجتمع وانكمش ، وورد لغة من بابيّ ضرب وقعد.
(٢) الأرويّة بضم الهمزة وكسر الواو وتشديد الياء أنثى الوعول ، وهي تعتصم في أعالي الجبال.
(٣) [أخرجه الترمذي رقم (٢٦٣٠) في الإيمان باب ما جاء أن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا ، وفي سنده كثير بن عبد الله المزني وهو ضعيف ، ولأوله وآخره شواهد ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن].