وها نحن أولاء نرى أعداء الإسلام ما زالوا يطاردون المسلمين حتى انتهوا بهم إلى جزيرة العرب ، وطفقوا ينازعونهم فيها ، بل وصلوا إلى الحجاز ، واستولوا بمساعدة بعض أمرائه (١) على أعظم موقع من معاقله البريّة والبحرية ما بين العقبة ومعان ، وصاروا باستيلائهم على سكة الحديد الحجازية على مقربة من المدينة المنورة ، التي خصّها الرسول صلىاللهعليهوسلم من هذه الوصايا بالذكر ، وأنشأوا يؤسسون وطنا لليهود في جوارها من فلسطين ، التي يدّعون أنّها لهم وحدهم ، وسيطلبون ضمّ خيبر إليها. بأنها كانت لهم ، وأخرجهم عمر بن الخطاب رضياللهعنه منها. فإذا لم تتعاون جميع الشعوب الإسلامية على مساعدة حكومة الحجاز بالمال والنفوذ الصوري (٢) والمعنوي على حفظ الحجاز وعمرانه ، بل إلجائها إلى ذلك واضطرارها إليه ، فستتقطّع قلوبهم أسفا وندما ، ويذرفون بدل الدموع دما ، إذ لات حين مندم ، ولا متأخر ولا متقدّم.
ولقد كنت في حيرة لا أهتدي السبيل إلى أقرب الوسائل لهذا العمران ، حتى وجدته مرسوما في هذه «الارتسامات» ، داحضة أمامه جميع الشبهات ، فبادروا إليه أيها المسلمون (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) [آل عمران : ١٠٥].
|
وكتبه ناشر الارتسامات محمد رشيد رضا منشيء مجلة المنار ١٣٥٠ ـ ١٩٣١ |
__________________
(١) [الأمير عبد الله بن الحسين الذي صار ملكا على شرقي الأردن].
(٢) [المادي. ومن الجدير بالذكر أن رشيد رضا من أوائل من نبهوا إلى الخطر الصهيوني].