شيء بالزيادة أو بالنقصان ، أو بتغير لفظة بلفظة ، مهما كان الناقل قويّ الذاكرة ، ولقد ثبت أنّ أكثر الأحاديث مرويّ بالمعنى.
ولقد ثبت أيضا أنّ سيدنا عمر رضياللهعنه كره كتابة الأحاديث (١) خوفا من الزيادات عليها ، واكتفاء بكتاب الله المنزل ، الذي حفظه الألوف من الصحابة واتفقوا عليه.
وقد ثبت أيضا أن جماعة من أكابر الصحابة رضوان الله عليهم لم يكونوا يحدّثون عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم مع طول صحبتهم له ، جاءت في «الطبقات الكبرى» لمحمد بن سعد رواية عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال (أي عبد الله بن الزبير) : قلت للزبير : ما لي لا أسمعك تحدّث عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كما يحدّث فلان وفلان؟
قال : أما إنّي لم أفارقه منذ أسلمت ، ولكنني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «من كذب عليّ فليتبوأ مقعدا من النّار».
قال وهب بن جرير في حديثه عن الزبير ، والله ما قال «متعمدا» وأنتم تقولون : «متعمدا» أي أنّ بعض المحدثين زادوا لفظة «متعمدا» فانظر إلى هذا الحديث الشريف على قصره لم يخل من زيادة لفظة (٢).
__________________
(١) [جاء النهي عن النبي صلىاللهعليهوسلم عن كتاب الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة خوف الالتباس ، أما كتابة كل منهما مفردا فلا كراهة ، وهذا ما فعله الصحابة ، فقد كتب كثير منهم الأحاديث ، وكذلك التابعين ، ثم دونوا ذلك في مجموعات ، إلى أن جاء التدوين الرسمي في أواخر القرن الأول الهجري بأمر الخليفة عمر بن عبد العزيز رضياللهعنه].
(٢) [الحديث] متواتر تواترا لفظا بهذه الزيادة [ودونها] ، وممن رواها عن الزبير نفسه الإمام أحمد والبخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه ، فلا عبرة بإنكار وهب بن جرير لها عنه ، فالقاعدة أنّ من حفظ حجة على من لم يحفظ.
ووهب هذا قد تكلّم فيه بعض رجال الجرح والتعديل ، فقال ابن حبان : كان يخطىء ، وأنكر عبد الرحمن بن مهدي والإمام أحمد ما رواه عن شعبة الخ.