وجاء في «الطبقات» عن السائب بن يزيد أنّه صحب سعد بن أبي وقاص من المدينة إلى مكة قال : فما سمعته يحدّث عن النبي صلىاللهعليهوسلم حديثا حتى رجع.
ثم جاء عن يحيى بن عباد ، عن شعبة أنّهم دخلوا على سعد بن أبي وقاص ، فسئل عن شيء فاستعجم ، فقال : إنّي أخاف أن أحدّثكم واحدا فتزيدوا عليه المئة.
وجاء في «الطبقات الكبرى» لابن سعد عن عمرو بن ميمون قال : اختلفت إلى عبد الله بن مسعود سنة ، ما سمعته يحدّث فيها عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولا يقول فيها : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إلا أنّه حدّث ذات يوم بحديث ، فجرى على لسانه : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فعلاه الكرب ، حتى رأيت العرق ينحدر عن جبهته ، ثم قال : إن شاء الله ، إما فوق ذاك ، وإما قريب من ذاك ، وإما دون ذاك.
فهذا شأن عبد الله بن مسعود في الحديث ، وهو أحد العبادلة الأربعة ، ومن أورع الصحابة ، وأشدّهم ملازمة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم كما لا يخفى ، وذاك كان شأن سعد بن أبي وقاص ، والزبير بن العوام ـ في هذا الأمر ، وهما من العشرة المبشرين بالجنة ، وذلك كان مشرب الإمام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضياللهعنه ، وهو الذي قيل : إنّ رسول الله قال فيه : «لو كان نبيّ بعدي لكان عمر» (١) فكيف ينبغي
__________________
[قلت : كما لا يعقل أن يزيد المحدثون شيئا من عند أنفسهم وهم من هم ورعا وخشية وتقوى لأنهم يقعون تحت طائلة هذا الحديث].
(١) [أخرجه الترمذي في المناقب باب مناقب عمر بن الخطاب رضياللهعنه رقم (٣٦٨٧) وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب ، وهو كما قال ، ورواه أحمد في «المسند» وابن حبان والطبراني في «الأوسط» والحاكم (٣ : ٨٥) وصححه ووافقه الذهبي ، وذكره الألباني في «صحيح الجامع» رقم (٥١٦٠) وقال : حديث حسن].