للناس بعد ذلك أن يستكثروا من الأحاديث ، وهم يعلمون ما قد يتطرّق إليها من زيادات الرواة ، وما قد نقل منها بالمعنى (١).
قال صاحب «تحفة اللطائف» قال الزهري : إنّ الله عزوجل نقل قرية من قرى الشام ، فوضعها بالطائف ، لدعوة خليله إبراهيم عليهالسلام (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) [البقرة : ١٢٦] والله تعالى يقدر أن ينقل إلى الطائف قرية من الشام ، كما أنّه يقدر أن يجعل الطائف في خواصها قرية من قرى الشام ، ويرزق أهل ذلك الوادي المقدس ـ مكة ـ من ثمراتها.
فأما كون الرّسول صلىاللهعليهوسلم قد ألحق الطائف بمكة والمدينة وحرّم لها حرما ، وقال «لا يختلي خلاها ، ولا يعضد شجرها ، ولا ينفر صيدها» وأنه قدّس وادي وجّ ، فإنّ الأحاديث كثيرة في هذا المعنى ، والدليل على صحتها كون الفقهاء أجمعوا على كراهية الصيد في وجّ ، ومنهم من قطع بتحريمه ، وربما كان الأكثرون على التحريم الباتّ ، وقيل في كلام الشافعي : (أكره صيد وجّ) أنها كراهة تحريم.
وعلى كل حال متفق على النهي عن الصيد في وجّ ، ومختلف في مجرد الكراهة أو التحريم ، كما أنّه مختلف في أمر الضمان وعدمه ، مما
__________________
(١) قد كتب إلينا الأمير سؤالا في هذه المسألة ـ رواية الحديث ـ فأجبنا عن سؤاله في «المنار» بما علم به قصور ما في «طبقات» ابن سعد ، وما هو الحق في المسألة ، فليراجع ذلك من شاء في صفحة (٥٠٧ ـ ٥١٦) من المجلد التاسع والعشرين مصححه.
[وانظر كتاب «السنة قبل التدوين» للدكتور محمد عجاج الخطيب ، وكتاب «الحديث النبوي» للدكتور محمد مصطفى الأعظمي و «تحقيق معنى السنة» لسليمان الندوي (ط. دار الفجر بدمشق بتحقيقي). لترى ما في كلام الأمير شكيب رحمهالله من نظر ، وكيف أن الحفاظ محّصوا وبينوا المقبول من المردود].