وعمر ، وعثمان ، ولا أفقه ولا أعلم بتفسير القرآن ، العربية ، والشعر ، والحساب ، والفرائض. وكان يجلس يوما للتأويل ، ويوما للفقه ، ويوما للمغازي ، ويوما لأيّام العرب ، وما رأيت قط عالما جلس إليه إلا خضع له ، ولا سائلا يسأله إلا أخذ عنه علما.
وقال عمرو بن دينار : ما رأيت مجلسا أجمع لكلّ خير من مجلس ابن عباس : الحلال ، والحرام ، والعربية ، والأنساب.
وعن عطاء : ما رأيت قط أكرم من مجلس ابن عباس ، أكثر فقها وأعظم خشية ، إنّ أصحاب الفقه عنده ، وأصحاب القرآن عنده ، وأصحاب الشعر عنده ، يصدرهم كلّهم من واد واسع.
وعن طاوس : أدركت خمسين أو سبعين من الصحابة إذا سئلوا عن شيء فخالفوا ابن عباس لا يقومون حتى يقولوا : هو كما قلت.
وسمع أحدهم ابن عباس يخطب ويفسّر فقال : لو سمعته الروم وفارس لأسلمت.
ولو شئنا استقصاء مناقبه لطال المقال جدا ، لا سيما أنّ كتابنا هو رحلة إلى الحجاز ، لا ترجمة لابن عباس رضياللهعنهما ، وإنما أوردنا ما أوردنا منها ، لأنّ التراجم الزكية هي خير ما يطرف به الكاتب القراء ، ولا سيما القراء الناشئين ، الذين قد يقتدون بما فيها من الفضائل ، ويتعلّمون مكارم الأخلاق ومعالي الأمور ، ونعم التاريخ الذي يزكّي النفوس ، ويشحذ الألباب.
وكان ابن عباس عاملا لعلي رضياللهعنهما على البصرة ، وشهد معه صفّين ، فلما استشهد أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه ، استخلف ابن عباس على البصرة عبد الله بن الحارث النوفلي ، ولحق بالحجاز.
ولما دعا عبد الله بن الزبير الناس إلى مبايعته بالخلافة أبى عبد الله