قلت : فضل زياد في المكانة التي حازها أعظم من فضل جميعهم ، لأنّ معاوية أموي ، وعمرو بن العاص سهمي ، والمغيرة ثقفي ، فأما زياد فهو ابن سمية ... وإنما :
نفس عصام سوّدت عصاما
[الحجاج بن يوسف الثقفي]
ومن أشهر المولودين بديار الطائف الحجّاج بن يوسف الثقفي ، الذي صار اسمه رمزا للظلم وسفك الدماء ، فإذا قيل : سفّاك دماء ، قيل : حجاج ، قيل : إنه قتل أكثر من مئة ألف صبرا ، وسمعوه يقول عند الموت : ربّ اغفر لي ، فإنّ النّاس يزعمون أنّك لا تغفر لي.
قال الذهبي في كتاب «دول الإسلام» : إنّه كان شجاعا مهيبا جبارا عنيدا ، ومخازيه كثيرة ، إلا أنّه كان عالما ، فصيحا ، مفوّها ، مجوّدا للقرآن (١).
وقال : إنّه قتل الإمام المفسّر سعيد بن جبير ظلما ، فما أمهله الله بعده ، فهلك في رمضان سنة خمس وتسعين ، وله ثلاث وخمسون سنة.
وقرأت في محلّ آخر أنّه عاش خمسا وخمسين سنة.
وقال ابن خلّكان : إنّه كان عمره ثلاثا وخمسين ، وقيل : أربعا وخمسين ، وهو الأصح ، وروى ابن خلكان أنه كان ينشد في مرض موته هذين البيتين لعبيد بن سفيان العكلي (٢) :
يا ربّ قد حلف الأعداء واجتهدوا |
|
أيمانهم أننّي من ساكني النّار |
أيحلفون على عمياء ويحهم |
|
ما ظنّهم بعظيم العفو غفّار |
__________________
(١) [انظر أخباره في كتاب «الحجاج بن يوسف الثقفي» للدكتور إحسان صدقي العمد].
(٢) [«وفيات الأعيان» (٢ : ٥٣)].