وأخبار العرجيّ كثيرة ، ونكاته مشهورة ، والظاهر أنّه كان على كرم عريض ، وفتوة أكيدة ، إلا أنّ الله ابتلاه بالتشبيب بنساء قريش في شعره ، مما كان يعرّض من يتشبّب بهنّ للظّنة ، وسوء القالة.
ومن ظريف ما يحكى أنّ جارية [حبشية] من مولّدات مكة [ظريفة] صارت إلى المدينة ، فلما أتاهم موت عمر بن أبي ربيعة اشتدّ جزعها ، وجعلت تبكي وتقول : من لمكة وشعابها وبطحائها ونزهها ، ووصف نسائها وحسنهنّ [وجمالهن ، ووصف ما فيها]؟
فقيل لها : خفّضي عليك ، فقد نشأ فتى من ولد عثمان رضياللهعنه ، يأخذ مأخذه ، ويسلك مسلكه.
فقالت : أنشدوني من شعره ، فأنشدوها ، فقالت : الحمد لله الذي لم يضيّع حرمه ، ومسحت عينها.
أمية بن أبي الصلت
وممن اشتهر بالنسبة إلى الطائف أمية بن أبي الصلت : عبد الله بن أبي ربيعة بن عوف بن عقدة بن عنزة بن قسيّ ـ وهو ثقيف ـ بن منبه بن بكر بن هوازن ، قال صاحب «الأغاني» : هكذا يقول من نسبهم إلى قسيّ.
وأم أمية بن أبي الصلت قرشية ، وهي رقيّة بنت عبد شمس بن عبد مناف.
وكان أمية من أشعر العرب ، وإليه ينسب هذا البيتان :
قوم إذا نزل الغريب بأرضهم |
|
ردّوه ربّ صواهل وقيان |
لا ينكتون الأرض عند سؤالهم |
|
لتلمّس العّلات بالعيدان |
وهما من قصيدة أوّلها :
قومي ثقيف إن سألت وأسرتي |
|
وبهم أدافع ركن من عاداني |
قال أبو عبيدة : اتفقت العرب على أنّ أشعر أهل المدن أهل يثرب ، ثم عبد القيس ، ثم ثقيف ، وأنّ أشعر ثقيف أمية بن أبي الصلت.