يا ترى هو هذا الذي يقولون له برد ، وقد أوردوا شاهدا عليه قول النعمان بن بشير كما في «تاج العروس» :
يا عمر لو كنت أرقى الهضب من بردى |
|
أو العلا من ذرى نعمان أو جردا |
لمّا رقيتك لاستهونت مانعها |
|
فهل تكونين إلا صخرة صلدا |
فالأشبه أن يكون هو المراد ، وذلك نظرا لذكره نعمان ، وهو الوادي الذي بين مكة والطائف ومنه إلى الهدا ، العقبة الكبرى التي يقال لها :
كرى الكبير ، وأما جرد ـ محركة ـ فهو جبل في بني سليم.
وأمّا قول الهمداني : إنّ في برد حائطين كبيرين لزبيدة عظيمين يقال لموضعهما وجّ ، فأظنّه يعني بهما الوهط والوهيط ، الأول بفتح فسكون ، والثاني بالتصغير ، وذلك أنّه لا يوجد في سفوح برد مياه تسقي بساتين إلا في الوهط والوهيط ، الأول جار الآن في وقف الأشراف ذوي زيد ، والثاني يخصّ ذرية الشريف عون الرفيق من ذوي عون.
لقد ورد ذكر الوهط في «معجم البلدان» قال ياقوت : والوهط المكان المطمئن المستوي ، ينبت العضاه والسمر والطلح ، به سمي الوهط .. وهو مال كان لعمرو بن العاص بالطائف ، وهو كرم كان على ألف ألف ـ (أي مليون) ـ خشبة ، اشترى كل خشبة بدرهم قال ابن الأعرابي : عرّش عمرو بن العاص بالوهط ألف ألف عود كرم ، على ألف ألف خشبة ، ابتاع كلّ خشبة بدرهم ، فحج سليمان بن عبد الملك (١) فمرّ بالوهط فقال : أحبّ أن أنظر إليه ، فلما رآه قال : هذا أكرم مال وأحسنه ، ما رأيت لأحد مثله ، لو لا أنّ هذه الحرّة في وسطه.
فقيل له : ليست بحرة ، ولكنّها مسطاح الزبيب ، وكان زبيبه جمع في وسطه ، فلما رآه من البعد ظنّه حرّة سوداء.
__________________
(١) [الذي في المجاز ص (٢٥٥) : معاوية بن أبي سفيان ، وقد أراد معاوية أن يهب له عمرو الوهط ، فاحتال عمرو لحفظ ماله بحلية لطيفة].