وجوب اتخاذ الات الحرب الحديثة
وفنون صناعاتها
قلت : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد استخدم إذا الصناعة في الحرب بما أجمعت عليه الرواة ، من ضربه حصن الطائف بالمنجنيق ، ونثره حوله الحسك ، وقتاله بالدبابات ، وكلّ هذا من الصناعة المحضة ، فالمنجنيق كان بمنزلة المدفع في هذه الأيام ، والحسك أشبه بالأسلاك الشائكة ، والدبابات هي دبابات ـ التانك ـ التي يصفّحونها اليوم بالفولاذ ، حتى لا يخرقها الرصاص ، وكانوا في ذلك العصر يجلّلونها بالجلود ، وعليه يكون استعمال الآلات الحربية بأنواعها سنة نبوية أكيدة ، لا يجوز إهمالها ولا التهاون بها ، هذا فضلا عن الأمر الإلهي الصريح الذي تتضمنه آية (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) [الأنفال : ٦٠].
ونحن مع الأسف نرى المسلمين اليوم أقلّ الأمم اعتناء بالميكانيكات ، والطبيعيات ، والكيمياء ، وجميع العلوم ، التي يكفل لهم إتقانها الحيل الحربية ، وجرّ الأثقال ، واختراع الآلات ، التي توفّر دماءهم وتصون دهماءهم.
ونرى جمهور علمائهم نافرين من هذه العلوم والفنون ، كأنها من عمل الشياطين ، يقضون الأعمار الطويلة في درس علوم مخصوصة لا يتعدّونها ، من نحو وصرف وحديث وتفسير وما أشبه ذلك ، مما لا شك في ضرورته ، لأن به قوام اللغة والعقيدة ، ولكنّه ليس يغني أصلا عن العلوم الطبيعية ، التي هلك اليوم من أهملها ، وعن المكانيكيات التي