وقد ذكر المستشرق الفرنسي الشهير رينو (Reinaud) صاحب كتاب «غارة العرب على فرنسة» أنّه لما زحف العرب من الأندلس إلى فرنسة ، وافتتحوا أربونة (Narbonne) وقرقشونة (Carcassonne) ووصلوا إلى أفينيون وليون وغيرها تحت قيادة السّمح بن مالك الخولاني ، وعنبسة بن سحيم الكلبي ، والحر الثقفي ، كانت معهم آلات لم تكن عند الإفرنج في ذلك العصر ، ذكر «رينو» ذلك في كلامه على حصار السّمح الخولاني لطلوزة (Toulouse).
فاليوم قد انعكست الأمور ، وصرنا في وسائل الدفاع عيالا على أعدائنا أنفسهم ، فإن طاب لهم أن يتفقوا علينا ، ويمنعوا عنا السلاح بأجمعه ـ أمسينا وليس [لنا] ماندافع به طياراتهم ودباباتهم ومدافعهم وقذائفهم سوى أصابعنا وأظافرنا ، ولقد رأيناهم بالفعل قرّروا منع الأسلحة عن جزيرة العرب في مؤتمر نزع السلاح ، الذي انعقد منذ بضع سنوات في جنيف ، ووقّع هذا القرار بأصوات أكثرية الدول ، بناء على رغبة إنكلترة وفرنسة وإيطالية وتوابعهن ، وغاية ما فعلته الأقلية أنّها استنكفت عن إعطاء الرأي لا سلبا ولا إيجابا ، وهي لو كانت راضية عن سياسة الأكثرية لما تأخّرت عن موافقتها على منع السلاح عن العرب ، فكان اعتناء العرب وجميع العالم الإسلامي بقضية التسلح فرضا عليهم كفرض الصلاة ، إذ لا بقاء لهم بدونه ، وكان هذا متوقّفا على الصناعة ، التي هي من ثمرات العلم الطبيعي ، ولأجل هذا كان انصراف المسلمين إلى اتقان العلوم الطبيعية ، وإدخالها بحذافيرها في برامج تعليمهم من الأمور الحيوية ، التي لا يجوز أن يغفلوا عنها طرفة عين.
وأراني قد بعدت عن الموضوع الذي كنت فيه ، وليست هذه بأول مرة جرّنا الاستطراد إلى ما هو بعيد عن المقام الذي نكون فيه ، ولكنّنا في كلّ مرة لم نخرج إلى شيء غير مرتبط بأصل الموضوع.
* * *