ووادي القرى اليوم خراب ، كما كان في أيامهما ، ولا يرجى له استئناف عمران إلا باستئناف حركة الخطّ الحديدي الحجازي.
ولقد كان وادي القرى معمورا في صدر الإسلام وما يليه ، وبه مات موسى بن نصير اللخمي فاتح الأندلس ، وغازي الأرض الكبيرة الأوربية ، وفاتحها كلّها ، لو تركه أعداؤه وحسّاده في دمشق يكمل عمله في الغرب.
وقرأت في كتاب «الصلة» لابن بشكوال في تاريخ أئمة الأندلس وعلمائهم! ترجمة أحمد بن محمد بن محمد بن عبيدة الأموي ، الذي يعرف بابن ميمون من أهل طليطلة : وفيها أنّه رحل إلى المشرق سنة (٣٨٠) وحجّ وزار المدينة ، وأنه سمع بوادي القرى من أبي جعفر أحمد بن علي بن مصعب ، وبمدين من أبي بكر السوسي الصوفي ، وبأيلة من أبي بكر ابن المنتصر ، وبالقلزم من أبي عبيد الله ابن غسان القاضي.
فمن ذكره علماء في هذه الأماكن يأخذ عنهم مثل ابن ميمون الطليطلي بجلالة قدره يعرف أنّها كانت معمورة مأهولة.
والحال أنّها اليوم خراب ، فلا وادي القرى ، ولا مدين ولا أيلة ، ولا القلزم عليها رائحة العمارة ، أو فيها شيء يشبه القرى ، فضلا عن الحواضر أو المزارع ، فضلا عن الجنان النواضر.
أين اليوم وادي القرى ومدين وأيلة والقلزم ، وأين العلم والأدب والسماع منها؟!!
أودية العقيق في المدينة واليمامة وغيرهما
ومن أجمل ما في الحجاز ، بل في جزيرة العرب ، الأمكنة التي يقال لها العقيق ، ويترنّم بها الشعراء بالشعر المتين الرقيق ، والعرب تقول لكلّ مسيل ماء شقّه السيل في الأرض فأنهره ووسّعه عقيق.