مائه ، وهو على مسافة ساعة من المدينة النبوية ، على ساكنها أفضل الصلاة وأزكى التحية ، وفيه بئر عثمان بن عفان رومة ـ وبئر عروة بن الزبير رضياللهعنهما.
وقد كانت لنا أيام زرت المدينة قبل الحرب العامة بسنة قيلات كثيرة على بئر عروة المشهورة بخفة مائها ، والتي كان يرسل بمائها إلى هارون الرشيد ، قال الزبير بن بكار : رأيت أبي يأمر به فيغلى ، ثم يجعله في القوارير ، ويهديه إلى الرشيد ، وهو بالرقة.
هذا ـ وقد كنت أشعر عند بئر عثمان من انشراح الصدر ، وانفساح الفكر ، ما لا أشعر به في مكان آخر ، حتى إنّي أردت مقابلة أعيان المدينة المنورة الكرام على حفاوتهم بي ، والمكارم التي أظهروها ، والمآدب التي اتخذوها ، فدعوت منهم خمسين أو ستين شخصا إلى مأدبة اخترت لها بئر عثمان ، التي قال فيها النبي صلىاللهعليهوسلم : «نعم القليب قليب المزنيّ» وهي البئر التي كانت تسمى من قبل : بئر رومة (بضم فسكون) كانت لرجل غفاري يقال : إنّ اسمه رومة ، فلما أعجبت رسول الله صلىاللهعليهوسلم اشتراها عثمان بخمسة وثلاثين ألف درهم ، وتصدّق بها على المسلمين.
وقال مصعب بن الزبير يذكر بئر رومة ويتشوّقها وهو بالعراق :
أقول لثابت والعين تهمي |
|
دموعا ما أنهنها انحدارا |
أعرني نظرة بقرى دجيل |
|
تحايلها ظلاما أو نهارا |
فقال : أرى برومة أو بسلع |
|
منازلنا معطّلة قفارا |
ولم تكن جميع المنازل وقتئذ بالعقيق معطلة قفارا ، بل كانت تلك الديار عامرة ، وكانت حولها الجنان ناضرة ، ولا تزال آثار العمارة هناك ظاهرة ، ومنها آثار قصر عروة بن الزبير ، وقصر سعيد بن العاص