وغيرهما ، وإذا زخر عمران يثرب يوما من الأيام ، فلا بدّ من أن تتصل المنازل من البلدة إلى العقيق (١).
سلع المدينة المنورة
وأما سلع ـ بفتح أوله وسكون ثانيه ـ فهو جبل على طرف المدينة المنورة ، إلى الشمال الغربيّ ، بيضي الشكل ، شامخ ، مشرف على جميع البلدة ، تعلو ذروته عنها نحو ثلاثمئة متر ، فلو حفل عمران المدينة ، وعادت إليها السكة الحديدية متصلة بالشام ، كما لا بدّ أن يكون ذلك إن شاء الله ، وجعلت إلى ذروة هذا الجبل مرقاة (Funiculaire) كما ترى في سويسرة للجبال العالية القريبة من العمران ، التي يتوقّلون إليها بالسكك الراقية ، لكان في رأس سلع متنزه يعزّ نظيره في الدنيا ، ولا يملّ النّاس الاختلاف إليه. ومعنى لفظة ـ سلع بالفتح وقد يكسر ـ الشّق في الجبل ، قال ياقوت : قال أبو زياد : الأسلاع طرق في الجبال ، يسمّى الواحد منها سلعا ، وهو أن يصعد الإنسان في الشعب وهو بين الجبلين ، يبلغ أعلى الوادي ، ثم يمضي فيسند في الجبل حتى يطلع فيشرف على واد آخر ، يفصل بينهما هذا المسند الذي سند فيه (سند فيه : رقى فيه ، والسند : ما قابلك من الجبل ، وما علا عن السفح ، وفي وطني من جبل لبنان مكان يصعد فيه الإنسان من عين عنوب إلى عيناب يقال له : سند عيناب) ثم ينحدر حينئذ في الوادي الآخر ، حتى يخرج من الجبل منحدرا في فضاء الأرض ، فذاك الرأس الذي أشرف من الواديين السّلع ، ولا يعلوه إلا راجل. ا ه.
__________________
(١) في أحاديث أشراط الساعة وما يحدث قبلها ما يدلّ على أنّ منها عمران المدينة ، وأنّ النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «تبلغ المساكن إهاب ، أو يهاب» رواه مسلم في «صحيحه» رقم (٢٩٠٣) من حديث أبي هريرة ، وإنّ بعض رواته قال : إنّ إهاب على بعد عدة أميال من المدينة.