الدين النصيحة!!
فأنت ترى من هذه الرسالة المنشورة سنة (١٩١٧) أي منذ أربع عشرة سنة أن الأوربيين يعرفون ما في جزيرة العرب من المعادن ، إن لم يكن تفصيلا فإجمالا ، وأنّه ليس عدم سماعهم بثروتها المعدنية هو الذي ثبّطهم حتى اليوم عن احتلالها ، بل لذلك أسباب :
سياسية : مرجعها حفظ التوازن الدولي.
عسكرية : مرجعها صعوبة مراس أهلها.
فالأولى بنا أن نغتنم هذه الفرصة ، ونستغل ما أمكننا من هذه المعادن ، لنقوّي بها جيوشنا ، ونصلح إدارتنا ، ونبثّ العمارة في بلادنا ، وأن لا نأخذ هذه الأمور بالتسويف والمطاولة ، حتى يصيبنا ما أصاب تركية في مطاولاتها باستخراج الكنوز التي كانت تحت يدها ، إلى أن جاء الأجانب واستولوا عليها ، فقد كانت قادرة أن تستفيد من زيت الموصل من عهد طويل ، فلم تبتّ في أمره شيئا ، ولم تزل تماطل إلى أن أضاعت بهذه المماطلة ثروة تقوّم بالمليارات الكثيرة من الجنيهات لا من الفرنكات ، وكان عندها البحر الميت ، فلم تصنع في استخراج ثروته شيئا ، ولا أبدت ولا أعادت ، إلى أن جاء الإنكليز بعد الحرب العامة ، فحلّلوا مياهه ، وقوّموا ما يمكن أن يستخرج منه ، فقالوا : إنّه يمكن أن يستخرج منه قيمة خمسة آلاف مليار جنيه ، وعشرون ألف