فقال زياد : أمّا جبالها فكروم وورس ، وأمّا سهولها فبرّ وشعير وذرة.
فتغيّر وجه ابن هبيرة وقال : أو ليس أبو اليمن القرد؟
فقال زياد : إنما يكنى القرد بولده ، وهو أبو قيس ، فيوجب أن يكون أبا قيس عيلان ، فاصفرّ لون ابن هبيرة من هذا الجواب.
فمن هنا يظهر أنّ مذهب داروين كان ملحوظا في الغابرين ، وكان خاطر أبوة القرد لابن آدم واردا ، إلا أنّ ما كان يقال في الماضي مزاحا ، صار اليوم جدا بحتا وحقيقة علمية!
أقول : حقيقة علمية بحسب رأي بعضهم ، وإلا فليس بصحيح أنّ الجمهور كلهم في أوربة تلقّوا هذا الرأي بالتسليم ، بل العلماء في أوربة لا يزالون فيه مختلفين. وقد كثر في السنين الأخيرة العلماء القائلون بنقضه ، والأكثرون على عدم الجزم لعدم كفاية دلائله ، ولوفرة نواقضه ونواقصه (١).
ومن العلماء من يقف موقفا وسطا في النظرية الداروينية ، فيحكم بصحة بعضها ، ويرد البعض الآخر ، مما ليس هنا موضعه.
ناحية الشّفا من جبال الطائف
ومن أنزه الجبال التي عهدتها في حياتي ، وأبدعها مصيفا ، وأطيبها نجعة ، وأنقاها إقليما ، الناحية التي يقال لها : الشّفا ، (بفتح أوله) وهي جبال المسكون منها يعلو عن الطائف نحو ألف متر ، وربما أكثر ، وسكان هذه الناحية السفاينة من ثقيف ، ولا تبعد عن الطائف أكثر من أربع أو خمس ساعات بالسير المعتدل.
قصدنا إليها من الوهط والوهيط في رفقة من إخواننا الدكتور محمود
__________________
(١) [انظر كتاب «أصل الإنسان» للدكتور موريس بوكاي].