الرومية والفارسية كانت بدأت في جزيرة العرب منذ ذلك العهد ، ولم يطل الأمر حتى خلع أبرهة عامل الحبشة آخر الملوك الحميريين الملقب بذي نواس ، وأزال مملكة حمير ، وأبرهة هذا هو الذي زحف إلى مكة ومعه الفيل ، وإليه أشار صاحب البردة (١) بقول :
كأنّهم هربا أبطال أبرهة |
|
أو عسكر بالحصى من راحتيه رمي |
وفي ذلك الوقت تغلّب العجم على اليمن لعهد كسرى الأول ، فاستناب عنه رجلا يقال له وهريز.
ولما ظهر الإسلام كان في اليمن عامل لكسرى أبرويز الثاني يقال له باذان ، فأسلم ، ودخل بعد ذلك اليمن في الحوزة المحمدية ، ولم يقدر العلماء أن يكشفوا شيئا عن المملكة السبئية يرجع إلى أقدم من سنة سبعمئة قبل المسيح.
[المعينيون]
فأما المعينيون فالمظنون أن الكتابات المتعلقة بهم ، تملأ تواريخها خمسة قرون ، ويظهر أنّ المعينيين كانوا معاصرين للسبئيين ، وغاية ما هناك أنهم رجّحوا أن أقدم الكتابات السبئية يرجع تاريخها إلى أحدث الكتابات المعينية ، وقد جاء في الكتابات المعينية ما يثبت وجود دولة السبئيين في اليمن. وكان ملوك المعينيين مثل خالي كاريبا صادو ، ويحتيل ريام أبو تبع كرب في الزمن الذي كان فيه ملوك سبأ ، والمظنون أن هذا كان بين سبعمئة وستمئة سنة قبل المسيح ، وقد جاء في كتابة معينية ما يفيد أنّ السبئيين وقبيلة أخرى اسمها خولان كانوا يشنون الغارات على الطريق المؤدي من نجران إلى معان في بلاد الشراة جنوبيّ سورية ، وقد أشار «سفر أيوب» من «التوراة» إلى هذه الغارات.
__________________
(١) [البوصيري].