السبئيين ، وكذلك قبل هذا التاريخ كانت جميع المعلومات التي لدينا عن جنوبيّ بلاد العرب هي ما جاء في العهد العتيق ، وما يتناقله العرب من القصص التي فيها من التخيّل أكثر مما فيها من الحقيقة. فلمّا عثر المنقبون على ما عثروا عليه من الكتابات هناك انكشف لديهم ما يجدر بأن يسمى تاريخا ، والفضل أكثره في كشف هذه الكتابات راجع إلى كلازر.
وقبل كلازر كان كارستن نيبور (Caresten Nie Buhr) ذهب إلى جزيرة العرب في بعثة علمية أنفذتها الحكومة الدانمركية سنة (١٧٦٣) وكان فيها راتكن الألماني ـ حدثني بذلك حفيده الأستاذ راتكن في هامبورغ.
فهذه البعثة التي هي أول بعثة علمية إلى جزيرة العرب تنبّهت لقضية الكتابات المنقوشة على الصخور ، فجابت البلاد من لحج ، إلى مخا ، إلى تعز ، فصنعاء ، وكان غرضها معرفة الجغرافية وأحوال السكان ، وأصولهم وأنسابهم ، مع درس طبقات الأرض ونباتاتها ، لكنّها علمت بوجود كتابات في ظفار لم تصل هي إليها ، غير أن هولنديا كان قد أرسل إلى هذه البعثة نسخة عن كتابات عثر عليها.
وعلى كل حال فأول من نبّه إلى هذه الكتابات ووجوب حلها خدمة للعلم هو نيبور الدانمركي ، ثم تلاه سيتزن (Seetzen) من أولدنبورغ ، فإنّه نسخ الكتابات المنقوشة على صخور ظفار ، وأرسل نسخة عن بعض جمل سبئيّة إلى أوربة ، وذلك سنة (١٧١١) ولم يفهموا مآلها في أول الأمر ، ثم توصّوا إلى حلها ، فاشتدت رغبتهم في معرفة غيرها.
وفي سنة (١٨٣٤) كشف الإنكليزي ولستيد (Wellsted) كتابة في حصن غراب على ساحل حضرموت ، وكتابة في محل يقال له : نقاب الحجر ، وفي سنة (١٨٣٦) كشف كروتندن (Cruttenden) خمس قطع