هذا الزعم ، بحجة أنّ الكتابة المعينية مستقيمة وأشكالها هندسية ، ولا يظن أن مثل هذا الشكل يكون متوغلا في القدم إلى تلك الدرجة.
جاء في «الأنسيكلوبيدية الإسلامية» أنه لم يوجد بين كتاب العرب من جاء بتاريخ حقيقي عن اليمن ، وبمعلومات مؤسسة على قواعد متينة مثل الهمداني. فقد كان هذا الرجل يمانيا مولودا في صنعاء ، فحمله حبّ وطنه والإعجاب بقومه على تأليف كتاب «الإكليل» الذي ذكر فيه تاريخ اليمن ووصف العاديّات التي فيها. والجزء الثامن من «الإكليل» كان نشره مع ترجمة ألمانية الدكتور مولر (H.Muller) كما تقدّم. وقد أخذ من الجزء العاشر معلومات كمّل ما ود في كتاب الهمداني الآخر المسمّى «صفة جزيرة العرب» وقد كان في كتاب الهمداني قصص أشبه بالأساطير نقلها الهمداني على علاتها ، إلا أنّه برغم ذلك هو الكتاب العربي الوحيد الذي يفهم منه القارىء ما اليمن ، ومن أهل اليمن؟ وفيه تفاصيل عن أنساب اليمن ، وطبائع أهلها ، وعن مواقع مدنها ، وعن قصورها وحصونها لا توجد في كتب الإفرنج برغم جميع تدقيقاتهم.
وكذلك في «إكليل» الهمداني عن سبأ وعن سيل العرم ما لا يتمّ تاريخ اليمن إلا به.
وقد ذهب مولر إلى أنّ الكتابات الحجرية لا تكفي لجلاء تاريخ سبأ ومعين وبلاد اليمن. فأمّا قول الهمداني إنّ باني سد مأرب هو لقمان بن عاد فهو قول تابع فيه العوام ، والحقيقة التي ظهرت من الكتابات أنّ باني السدّ هو إثيعمر ، فأما وصف آثار السدّ بعد خرابه فإنّ أرنود وهاليفي لم يصفا تلك الآثار بغير ما صورها به الهمداني (١).
وقد قسّم مؤرخو العرب أدوار اليمن قبل الإسلام إلى ثلاثة.
الأول : من البدء إلى عهد تبع أبي كرب.
__________________
(١) [انظر صورة عن سد مأرب في آخر الكتاب].