أي «الأكليل» و «صفة جزيرة العرب».
الرابع : أنّ معرفة تاريخ العرب الأولين لم يبدأ في الحقيقة إلا منذ بدأ السياح الأوربيين بالاطلاع على الكتابات المنقوشة على الأحجار ، وأخذوا ينظرون فيها إلى أن تمكّنوا من حلها وفهم معانيها ، فمنها ما وافق كتابات المؤرخين ، ومنها ما اختلف عنها ، إلا أنّ الكتابات قد جاءت بالجملة مؤيدة للتاريخ ، ولم يبق شك في صحة المجموع ، وإن يكن واقع اختلاف في التفاصيل.
والقضية الأصلية وهي ارتقاء مدنية العرب إلى تلك الدرجة العليا في تلك الأعصر المتوغلة في القدم ؛ قد ثبتت بالكتابات الحجرية التي أيدت أقوال المؤرخين ، كما أنّ أقوال المؤرخين قد أيدتها.
وهذه مسألة يجب أن تكون عبرة ودرسا للذين يحملون جميع ما يتناقله الناس من الأخبار القديمة محمل الأساطير والأقاصيص الوهمية ، وهو ظنّ باطل ، ورأي فائل. فإنّه مهما كان التواتر قد داخلته أقوال عامية ، وآراء ساذجة ؛ فإنّه يرجع إلى نصاب صدق في الأصل لا شبهة فيه في مجموعه ، وهذه قضية تاريخ جزيرة العرب شاهدة على ذلك ، بعد أن جاءت فيها المكتوبات الحجرية معززة للقراطيس والأرواق المخلفة عن اليونان والرومان والعرب ، تعزيزا لم يكن لينتظره أحد.
الخامس : أنه وجدت أقوام دخلت إلى جزيرة العرب ، كما وجدت أقوام خرجت منها. وأنّه بسبب اسيتلاء الحبشة على اليمن ، ثم استيلاء الفرس ، حصل اختلاط في الدماء في جنوبيّ الجزيرة ، كما حصل اختلاط في شماليها بسبب تقدم الآراميين إلى مدائن صالح وتيماء ، وأنّ النبطيين كانوا أيضا تقدّموا من بلاد الشراة إلى شمالي الحجاز.
السادس : أنه يوجد عرب بائدة ، وعرب عاربة ، وعرب مستعربة كما جاء في تواريخ الإسلام. وإنّ من العرب البائدة عادا ، وثمود ، وطسما ،