فعليه «بسبائك الذهب في معرفة قبائل العرب» للسيد محمد أمين السويدي البغدادي ، فهو كتاب قد جمع فأوعى في هذا الباب (١).
على أنّ إفراط العرب في التمسك بأنسابهم قد أوجد بينهم من العصبية بعضهم على بعض ما لا يوجد في أمّة سواهم ، حتى إنّ دوزي الهولندي المعدود من أوسع المستشرقين علما ذكر في كتابه عن «مسلمي إسبانية» أنّ العدواة التي بين العدنانية والقحطانية قد تكون أشد من العداوة التي بين العرب والأعاجم.
والحقيقة أنّ هذه العداوة نفسها هي التي كانت الأصل الأصيل في فقدهم الأندلس ، بل في نكوصهم عن قلب أوربة بعد أن وطئوه بأقدامهم ، وكادوا يستولون على تلك القارة. وقد كانوا كلّما تمّ لهم الظّفر في واقعة على الأجانب عادوا فاقتتلوا فيما بينهم بين قحطاني ومضري ، ففشلوا ، وذهبت ريحهم ، واضطروا أن يعودوا من حيث أتوا.
ولم ينحصر ضرر هذه العصبية في الأندلس والمغرب ، بل قد أفنت القبائل العربية بعضها بعضا في المشرق أيضا ، وصرفتهم عن التبسط في الفتوحات فما كانوا قد حازوه بشجاعتهم وعلو هممهم فقدوه في منازعاتهم الداخلية بوقوع بأسهم بينهم ، لا سيما بين هذين القبيلتين ؛ قيس واليمن. وكثيرا ما كانت تقتتل ربيعة ومضر ، وكلا الفريقين من العدنانية ، ونظرا لكون مضر أكثر عددا كانت ربيعة تلجأ إلى اليمن حتى تقف في وجه مضر. وكلّ عربي تنزع فيه العصبية إلى قومه ، فلا يسلم من ذلك أحد ، حتى الملوك والخلفاء ، كانوا يتعصّبون للقبائل التي هم منها ، وهم مع ذلك سادة الجميع.
__________________
(١) [الأم في هذه البابة «جمهرة النسب» و «نسب معد واليمن الكبير» لابن الكلبي وقد قام بتحقيقها الأستاذ محمود الفردوس العظم].