المناهل في مكة
وذكر الاعتداء على الأوقاف التي وقفها السلف
نعود إلى عرفات التي كنّا فيها ، وإلى عبد الله بن عامر بن كريز المغرم ـ كان ـ بالعمارة وإحياء الأرضين ، فنقول : قال ابن حوقل ـ صاحب كتاب «المسالك والممالك» الذي عاش في أوائل القرن الرابع للهجرة ، وهو من أشهر جغرافي العرب : وعرفة ما بين وادي عرنة إلى حائط بني عامر (الحائط : البستان) إذا ما أقبل على الصخرات التي يكون بها موقف الإمام ، وإلى طريق حصن. وبحائط بني عامر نخيل ، وكذلك في غربي عرفة بقرب المسجد الذي يجمع فيه الإمام بين صلاتي الظهر والعصر في يوم عرفة.
ونخل الحائط والعين تنسب إلى عبد الله بن عامر بن كريز ـ إلى أن يقول ـ وليس بمكة ماء جار إلا شيء قد أجري إليها من عين قد عمل فيها بعض الولاة ، واستتمّ في أيام المقتدر ، ويمتح (أي يمتدّ) إلى مسيل قد جعل إلى باب بني شيبة في قناة عملت هناك ، وكانت أكثر مياههم من السماء إلى مواجن بها كانت عامرة ، فخرّبت باستيلاء المتولين على أموال أوقافها ، واستئثارهم به ، وليس لهم آبار تشرب ، وأطيبها زمزم ، ولا يمكن الإدمان على شربه.
هذا ما يقوله ابن حوقل ، ولا أعلم هل يقصد بهذه العين قناة زبيدة ، أم عينا غيرها (١) ، وكنت أودّ لو سألنا عن ذلك القرشيّ العريق ،
__________________
(١) الراجح أنّه يعنيها ، إذ لم يكن ثمّ غيرها يطلق الكلام عليها دونها.