سوء تصرف المسلمين في أوقاف سلفهم
وأكلها بالباطل
وأما الذي لم نجده ـ مع الأسف ـ تحرّف ولا تغيّر ، فهو أكل أموال الأوقاف ، حتى التي على حياض الماء ، فقد رأيت كيف أنّ ابن حوقل يذكر خراب تلك المواجن أو المواجل ، باستيلاء المتولّين على أموال أوقافها واستئثارهم [بها] ، وهذه شنشنة قلّ أن يخلو منها بلد من بلدان الإسلام ، وبسببها تعطّلت هذه البلدان من الحلي التي تجدها في بلاد الإفرنج.
فآباؤنا لم يقصّروا في حبس العقارات الدارّة على كلّ ما يخطر في البال من طرق الإنسانية ، ووسائل المدنية ، ولكنّ الخلف ـ إلا من رحم ربك ـ خانوا أمانات السلف ، وخاسوا بعهدهم ، وتركونا خجالى أمام الأجانب في مساكننا ومدائننا.
وكلّ ما أورده الشرع من الإعظام والإكبار لكبيرة الأكل من الأموال المرصدة للخير العام ، بل ما قذف به من الصواعق على من يستبيح لنفسه الغلول منها ـ قد ذهب سدى.
فالوقف لا يمضي عليه قرن أو نصف قرن حتى تتعاوره (١) الأيدي
__________________
(١) [تتداوله].