روعة موقف عرفات العام
ومواكب الحج فيها أيام دول الإسلام
ووصف ابن جبير الأندلسي لها في القرن السادس
لا أنسى منظر عرفات ليلا ، فهو من أبهج ما ارتسم في خاطري من مناظر هذه الدنيا الفانية ، مع كثرة ما شاهدت في حياتي ، وما تقلبت في الأمصار والعواصم ، فقد أقبلنا عليها غلسا ، آتين من منى ، فكانت أشبه بسماء في كواكبها وطرائقها منها بسهول وهضاب في خيامها وقبابها المضروبة ، ومصابيحها المعلقة ، ونيرانها المشبوبة ، فكان منظرا قيّد النواظر ، لا يشبع منه الرائي تطلّعا ، ولا يزداد به إلا ابتهاجا.
وليست عرفات في النهار بأقلّ حسنا وجلالا في تموّج جموعها ، وتراصّ قبابها ، ولا سيما في مناظر الخشوع التي تأخذ بالألباب ، ومسامع الأدعية التي ليس بينها وبين الله حجاب.
وصف ابن جبير لموقف عرفات
وإني أترك وصف عرفات في مثل ذلك اليوم لكاتب شهير لا يلتفت إلى فقير فقراتي بجانب مليء أماليه ، ولا يؤبه بحقير خرزاتي في معرض بديع لآليه ، ألا وهو ابن جبير الكناني الأندلسي برّد الله ثراه ، قال (١) :
فأصبح يوم الجمعة المذكور في عرفات جمعا لا شبيه له إلا الحشر ،
__________________
الحاكم يرفع الخلاف في المسائل الاجتهادية المتعلّقة بمصلحة الأمة ، وتفصيل الموضوع ليس هذا محلّه. مصححه
(١) [«رحلة ابن الجبير» ١٣٦ ـ ١٣٨)].