الوزير جمال الدين الجواد الأصفهاني
وزير صاحب الموصل أتابك زنكي
من حيث إننا في ذكر المعمّرين (عمّر المنزل بالتشديد جعله آهلا) والمثمّرين (ثمّر المال بالتشديد أيضا كثّره) والمسدين للمبرات ، والسابقين إلى الخيرات ، والمشيدين للممالك ، والممهدين للمسالك ، وإن سيرة مثل هذه الطبقة في الإسلام هي أحسن السير ، وبها يحسن المبتدأ ، ويعطر الخبر ، فليسمح لنا القرّاء بنشر شيء من سيرة الجواد الأصفهاني ، وزير صاحب الموصل أتابك زنكي بن آق سنقر.
فهو الوزير أبو جعفر محمد بن علي بن أبي منصور (١) ، اتصل بخدمة أتابك زنكي في الموصل في الثلث الأول من القرن السادس للهجرة ، وبعد أن قتل الملك المذكور على قلعة جعبر ، استوزره سيف الدين غازي بن أتابك زنكي ، وفوّض الأمور وتدبير أحوال الدولة إليه.
قال ابن خلكان : فظهر حينئذ جود الوزير المذكور ، وانبسطت يده ، ولم يزل يعطي ويبذل الأموال ، ويبالغ في الإنفاق ، حتى عرف بالجواد ، وصار ذلك كالعلم عليه ، حتى لا يقال له إلا جمال الدين الجواد ـ إلى أن قال ـ وأثر آثارا جميلة ، وأجرى الماء إلى عرفات أيّام الموسم من مكان بعيد ، وعمل الدرج من أسفل الجبل إلى أعلاه (٢) ،
__________________
(١) [كتب الدكتور صادق أحمد جودة كتابا لطيفا في سيرة هذا الوزير سماه «الجواد الأصفهاني وزير الموصل والشام»].
(٢) يعني الجبل الذي في وسط عرفات المعروف بجبل الرحمة ، فإنّه مقسّم إلى