وقد حاول في (المحاضرات) إبطال هذا الاستدلال بما لا يخلو بعضه عن النظر.
والثاني : إنّ تمايز العلوم بتمايز موضوعاتها ، فلو لم يكن لكلّ علم موضوع واحد لتداخلت العلوم فيما بينها.
وهذا الوجه يبتني على كون تمايزها بالموضوعات ، لا بالأعراض ولا المحمولات ، وهذا أوّل الكلام ، وسيأتي توضيح ذلك.
ولما أشرنا إليه من الكلام في الدليلين المذكورين لقول المشهور ، ذهب في (المحاضرات) إلى أنّه لا دليل على اقتضاء كلّ علمٍ وجود الموضوع ، وأنّه لا حاجة إلى ذلك.
والذي اختاره شيخنا هو أنّه إنْ اريد من قولهم : «لكلّ علم موضوع» ضرورة وجوده لكلّ علمٍ ، بنحو القضيّة الحقيقيّة ـ أي : كلّما وجد وتعنون بعنوان العلم فلا بدّ وأن يكون له موضوع ـ فهذا ما لا دليل عليه. وإنْ اريد منه القضيّة الخارجيّة ، بمعنى أن العلوم المدوّنة ـ كعلمي الطب والهندسة وغيرهما لها موضوعات تجمع بين مسائلها ، فهذا حق ... لكنّ هذا إنّما هو في العلوم ذات المحمولات الحقيقيّة ، وأمّا العلوم الاعتباريّة كعلم الفقه فلا ، ولذا خصّ الشيخ في (الشفاء) وكذا تلميذه بهمنيار والخواجة وغيرهم هذا البحث بالعلوم الحقيقيّة.
أقول :
في كلامه ـ دام ظلّه ـ أمران ، أحدهما : الترديد المذكور في المراد من قول المشهور «لكلّ علم موضوع» ، والآخر : الموافقة على ضرورة وجود