فظهر أن الاختلاف بين المعنيين ـ الاسمي والحرفي ـ جوهري ، إذ المعنى الاسمي إخطاري مستقل في التعقّل غير محتاج إلى شيء ، والمعنى الحرفي إيجادي غير مستقل وهو يفيد الربط بين المعاني الإخطارية المتباينة ، فهو غير إخطاري ، إذ ليس إلاّ في عالم الاستعمال ، فالمعاني الاسميّة دائماً مقصودة بالاستقلال ، والمعاني الحرفيّة دائماً آليّة وينظر إليها بالتبع ، بل إنها حين الاستعمال فانية فناء اللّفظ في المعنى ، وهي توجد الربط بين الأسماء ـ كربط «على» بين «زيد» و «السطح» ـ في مقام التكلّم ، لا في الخارج ، وهذا الربط والنسبة من قبيل النسبة بين الظلّ وذي الظل ، ولذا قد تطابق وقد تخالف ـ وليس من قبيل النسبة في الخارج ، التي هي النسبة بين الدّال والمدلول وحقيقة هذه النسبة في الحروف عبارة عمّا يؤخذ من قيام احدى المقولات التسع بموضوعاتها ، فإنْ لم تؤخذ هذه الخصوصيّة في المقولات التسع لم تكن هناك نسبة ، فالعرض لو لم يكن فيه جهة قيام بالجوهر فلا نسبة ، كما هو الحال بين جوهرٍ وجوهرٍ آخر ، إذ حقيقة النسبة ناشئة من قيام احدى المقولات التسع بموضوعاتها (١).
وذكر شيخنا الاستاذ على هذا القول إشكالات ، فقال :
١ ـ أمّا قوله : إن حقيقة النسبة ليست إلاّ قيام احدى المقولات التسع بموضوعاتها ، فإن معناه انحصار النسبة بين المقولات العرضيّة ، ويلزم منه انكارها في مثل «شريك الباري ممتنع» لعدم وجود المقولة فيه ، ولا يخفى ما فيه.
__________________
(١) أجود التقريرات ١ / ٢٥ ـ ٣٢ ط مؤسّسة صاحب الأمر (عج).