ويظهر الفرق بين المسلكين في علم الاصول في كثير من المسائل ، فمثلاً نقول : هل الأمر بالشيء ، الوارد في الكتاب والسنّة ، يقتضي النهي عن ضدّه الخاص أو العام؟ فاقتضاء النهي أو استلزامه يعرض على الأمر ، فعلى مسلك المحقق الخراساني يكون هذا العروض بلا واسطة ، ويكون الاقتضاء حقيقيّاً وبلا عناية ، أما على مسلك المشهور ، فإنّ هذا العروض إنما هو بواسطة أمر أعم ، لأنّ ذلك لا يختص بالأمر الكتابي بل كلّ أمر كذلك ـ بناءً على القول به ـ سواء وقع في الكتاب أو لا ؛ وكذا في السنّة ، فهناك عروض بواسطة أمر أعم ، والعارض على الشيء بواسطة الأمر الأعم من العوارض الغريبة عندهم كما تقدّم.
وأيضاً : لا يلزم بناءً على مذهب صاحب (الكفاية) أنْ يكون العروض باقتضاء ذات المعروض ، إذ الملاك عندهم هو أن لا تكون واسطة في العروض ، وعليه ، فالحجيّة تثبت للخبر مثلاً ، لعدم الواسطة في عروضها عليه ، مع أنها ليست باقتضاء ذاته.
ثم إنّ السبب في عدول أصحاب هذا القول ـ كصاحب (الكفاية) ـ عمّا قاله المشهور ، هو التخلص من اشكالٍ يلزم عليه ، وتوضيح ذلك هو : إنّ المحمولات في مسائل العلوم تعرض على موضوعاتها ، وتلك الموضوعات هي الواسطة لعروضها على موضوع العلم ، فمثلاً ـ في علم النحو ـ يعرض الرفع على الفاعل ، وبواسطته يعرض على الكلمة التي هي موضوع علم النحو ، لكنّ «الفاعل» أخص من «الكلمة» فيلزم أن يكون هذا البحث في علم النحو بحثاً عن العرض الغريب. وكذا في غيره من العلوم ، كالفقه مثلاً ،