والمفاهيم تنقسم إلى قسمين ، فمنها : مفاهيم توجد بأسبابها ولا دخل للجعل والاعتبار فيها ، لا في وجودها ولا في عدمها ، وهي الجواهر والأعراض ، ومنها : المفاهيم التي يتوقف وجودها على الجعل والاعتبار ، كالملكية والزوجيّة وأمثالهما. فهذا تقسيم.
وتقسيم آخر للمفاهيم هو : إن من المفاهيم ما ليس له إلاّ سنخ واحد من المصاديق ، كالكتابة مثلاً ، ومنها ما له سنخان من المصاديق ، مصداق من سنخ التكوين ، ومصداق من سنخ الاعتبار ، كالبعث ، فله فرد خارجي وفرد اعتباري يتحقق بهيئة صلّ مثلاً.
ولا يخفى أيضاً : أن النسب على أقسام : النسبة التحقّقية مثل ضَرَبَ ، والتلبسيّة مثل ضارب ، والإيجادية مثل : ضربتُ ، والتوقّعية مثل : يضربُ ، والبعثية مثل : اضرب.
يقول المحقق الخراساني : إنّ الإخبارية والإنشائية من دواعي الاستعمال لا من أجزاء وقيود المعنى المستعمل فيه ، فالموضوع له والمستعمل فيه في مثل «بعت» شيء واحد ، ففي هذه الصيغة توجد مادّة هي البيع ، وضمير المتكلّم : التاء ، وهيئة وردت على المادة تربطها بالمتكلّم وتفيد نسبة المادة ـ أي البيع ـ إلى المتكلّم نسبةً إيجادية ، فإن أراد تفهيم وقوع البيع منه ووجوده منه من قبل ، كان خبراً ، وإنْ أراد تفهيم وقوع البيع منه وإيجاده بنفس هذا الاستعمال ، في وعاء الاعتبار ، كان إنشاءً.
إذن ، حصل الاختلاف من ناحية القصد والداعي لاستعمال الجملة ، وإلاّ فمدلول الجملة والمعنى المستعملة فيه لهما واحد ، إذ المستعمل فيه نفس النسبة فقط ، لكن تارةً بهذا القصد واخرى بذاك القصد ، من غير دخلٍ للقصد