٤ ـ الاطّراد
وليس المراد منه كثرة الاستعمال وشيوعه ، فإن ذلك موجود في المجاز المشهور أيضاً ، بل المراد ـ كما ذكر المحقق الأصفهاني ، ولعلّه خير ما قيل في المقام ـ هو : إطلاق اللّفظ بلحاظ معنىً كلّي على مصاديق واطّراده ـ أي الإطلاق عليها مع اختلاف أحوالها وتغيّر الخصوصيّات فيها ، فإنه يكشف عن كون المعنى هو الموضوع له اللّفظ حقيقةً ، فمثلاً : لفظ «العالم» يصح اطلاقه على «زيد» بلحاظ كونه متّصفاً بالعلم ، وكذا على «عمرو» و «بكر» وغيرهما ، مع ما هناك من الاختلاف بين هؤلاء في الخصوصيّات والأحوال ، فلما رأينا صحّة هذا الإطلاق واطّراده فيهم ، علمنا أنّ المعنى الموضوع له لفظ «العالم» هو «من قام به العلم» ، فكان الإطراد علامةً للحقيقة ، بخلاف لفظ «الأسد» فإنّه يتفاوت اطلاقه بين «الحيوان المفترس» وبين «زيد» و «عمرو» و «بكر» بلحاظ وجود الأمر الكلّي فيهم وهو «الشجاعة» ، فهو في الرجل الشجاع مجاز لعلاقة المشابهة.
وعلى الجملة ، فإنّ انطباق اللّفظ على المصاديق على حدّ سواء ـ المعبَّر عنه بالاطّراد ـ لا يكون إلاّ لعلقةٍ بين اللّفظ والمعنى ، وبما أنه لا توجد علقة مجازيّة مطّردة ، فالصّدق على الأفراد باطّراد هو من جهة العلقة الوضعيّة ، فهو كاشف عن المعنى الحقيقي.