وهذا الجواب إنكار للأمر الأوّل من الأمرين ، وقد قرّبه الشيخ الاستاذ في الدّورة اللاّحقة بأنّه إذا كان الوضع أمراً غير إنشائي ، بل يحصل بمجرّد الالتزام النفسي والبناء من المعتبر ، فلو قال «جئني بولدي محمد» قاصداً تسميته بهذا الاسم ، فقد حصل الوضع ووقع الاستعمال من بعده ، فلا يبقى مجال للإشكال ، فهذا الجواب يتُم على مبنى التعهّد ، وكذا على مبنى المحقق الأصفهاني ، وهو التخصيص النفساني للّفظ بالمعنى.
وأمّا قياس السيد الحكيم (١) هذا المورد على مسألة حصول الفسخ للمعاملة بالفعل ، كبيع الشيء المبيع أو وطء الأمة ونحو ذلك ، ففي غير محلّه ، لأن الفسخ من الإيقاعات ، والإيقاع متوقّف على الإنشاء.
لكنّه في الدورة السابقة أورد على هذا الجواب بأنّ العلقة الوضعيّة هي قالبيّة اللّفظ للمعنى ، وهل تتحقّق القالبيّة بمجرَّد الاعتبار النفساني وقبل الإبراز؟ فهل تتحقّق الزوجيّة بين هند وزيد قبل إبرازها بصيغة زوّجت مثلاً؟
كلاّ ، إنّه لا برهان على هذه الدعوى بل الوجدان وبناء العقلاء على خلافها ، فإنّ الوضع عندهم كسائر الامور الاعتباريّة المحتاجة إلى الإبراز ، فهم لا يرون تحقّق الوضع بنفس الاعتبار ومجرد البناء.
وإذا احتاج الوضع وتحقّق العلقة الوضعيّة إلى مبرز عاد الإشكال.
أقول :
وعندي أن الحق ما ذهب إليه في الدورة السابقة ، ويكون حلّ المشكل منحصراً بإنكار الأمر الثاني من الأمرين.
__________________
(١) حقائق الاصول ١ / ٤٨ ط مكتبة البصيرتي.