وتلخّص : إمكان الوضع بالاستعمال ، خلافاً للمحقق النائيني ومن تبعه.
واختلفوا في هذا الاستعمال المحقق للوضع ، هل هو استعمال حقيقي أو مجازي ، أو لا حقيقي ولا مجازي؟ على أقوال.
قيل : إنه حقيقة ، لأن كون الاستعمال حقيقياً لا يشترط فيه تحقّق الوضع قبل الاستعمال ، فلو تحقّقا معاً كان الاستعمال حقيقيّاً ، إذ الملاك هو الاستعمال في المعنى الموضوع له ، وهذا مع مجرد وجود الموضوع له في ظرف الاستعمال متحقق ، إذ العلة والمعلول يكونان في ظرفٍ واحدٍ زماناً وإن اختلفا رتبةً ، والمفروض كون الاستعمال علّة للوضع فزمانهما واحد ، وباستعمال اللّفظ في المعنى الموضوع له تتحقّق الحقيقة ، وليس الاتحاد في المرتبة مقوّماً للوضع حتى يكون اختلافهما مضرّاً ، هذا ما جاء في (المحاضرات).
وفيه : إن الاستعمال متأخّر عن المعنى المستعمل فيه بالتأخّر الطبعي ، إذ لا يتحقق الاستعمال إلاّ مع وجود ذلك المعنى المستعمل فيه ، بخلاف المعنى ، فقد يوجد من غير استعمالٍ له ، فإن كان المعنى السابق في المرتبة على الاستعمال قد وضع له لفظ في تلك المرتبة ، كان استعمال ذاك اللّفظ فيه حقيقياً ، وإن لم يكن له وضع كان استعمالاً في المعنى المجازي.
لكن المفروض في بحثنا تحقّق الوضع بنفس الاستعمال ، فالاستعمال أصبح علّةً للوضع والوضع معلول له ، فكون المعنى موضوعاً له اللّفظ إنما هو في رتبةٍ متأخرة عن الاستعمال ، والاستعمال متقدّم على كون المعنى موضوعاً له ، والمستعمل فيه مقدَّم على نفس الاستعمال ، فلا محالة يستحيل كون