وانقساماته اللاحقة له ، من الوجوب والإمكان ... فصورة القضيّة وإنْ كان هو قولنا : الجسم موجود مثلاً ، ولكن الموضوع حقيقةً هو عنوان الموجودية ، وكذلك في علم النحو ، فإنّ أوّل ما ينسبق إلى ذهن المتتبّع لاستعمالات العرب إنما هو إعراب آخر الكلمة ، فيطلب في علم النحو الخصوصيات التي بسببها يتحقّق الإعراب واختلافاته ، فالموضوع حقيقةً في «الفاعل مرفوع» هو وصف المرفوعية ، وكذا في غير هذا المثال.
فالحاصل : إن تمايز العلوم بتمايز الموضوعات ، أعني بها جامع محمولات المسائل ، وتمايز المسائل بتمايز الموضوعات فيها».
وهذا الذي ذكرناه عنه هو عمدة كلامه رحمهالله وربما يوجد بين هذا الكلام ، وما ذكره في المقدّمة الأولى ـ حول موضوع علم الإلهيات بالمعنى الأعم ـ منافاة ، ومن هنا أشكل الشيخ الاستاذ على المقدّمة الأولى ، فراجع ، ولكنّ هذا الكلام إنّما يتمّ في علم الاصول فقط ، حيث أنّ المتبادر إلى الذهن فيه والذي يبحث عن تعيناته هو «الحجّة» ، إلاّ أنّ الواقع في سائر العلوم هو أخذهم الشيء موضوعاً ثمّ بحثهم عن خصوصياته وتعيّناته ، فالموضوع في علم الحساب هو «العدد» وفي علم النحو «الكلمة والكلام» وفي الإلهيّات بالمعنى الأعم هو «الوجود» باتّفاق الفلاسفة ، فلم يكن «الوجود» عندهم محمولاً أصلاً ، ونسبة القول بكون الموضوع هو الجامع بين المحمولات إلى القدماء غير تامّة كما ذكر شيخنا الاستاذ دام ظلّه.