(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ) (١) لأن الصّيام عبارة عن الإمساك عن الأكل والشرب ، وقد وقع في الآية موضوعاً للحكم بالوجوب ، فكلّ ما شككنا في دخله في الموضوع زائداً على طبيعة الصّيام ندفعه بإطلاق الآية بناءً على القول بالأعم ، أمّا على القول بالصحيح فلا إطلاق ، لرجوع الشك إلى أصل تحقّق الصيام بدون الشيء المشكوك فيه.
وأجاب شيخنا عن ذلك بوجوه :
أوّلاً : إن الصيام في اللّغة كما عن بعضهم هو مطلق الإمساك ، فعن أبي عبيدة أنّ الإمساك عن السير صيام ، وفي الكتاب (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً) (٢) فلا اختصاص له بالأكل والشرب.
وثانياً : إن الآية في مقام بيان أن وجوب الصيام ليس مختصّاً بهذه الامة ، وأنّه كان في الشرائع السابقة ، فليس في مقام بيان حكم الصيام في هذه الشريعة كي يتمسّك بإطلاقها متى شك في دخل شيء.
وثالثاً : إن التمسّك بالإطلاق موقوف على إحراز كون المتكلّم في مقام بيان جميع المراد ، وإلاّ فلا يجوز ، وفي الصيام نرى ورود قيود كثيرةٍ ، لأنه إمساك عن تسعة امور لا عن الأكل والشرب فقط ، وإذا كان للموضوع هذه الكثرة من التقييدات المبيّنة في مجالس لاحقة وبأدلّة اخرى ، كيف يصح القول بكونه في مقام البيان في قوله : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ)(٣)؟
__________________
(١) سورة البقرة : ١٨٣.
(٢) سورة مريم : ٢٦.
(٣) سورة البقرة : ١٨٣.