وأورد شيخنا : بأنه أيضاً لا ينطبق على جميع الموارد ، مثلاً قوله تعالى : (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ) (١) لا يوجد للفظ «الصلاة» معنىً كلّي ، لينطبق على هذه «الصلاة» ذات الأقوال والأفعال ، وعلى أمير المؤمنين عليهالسلام ، ولا يوجد جامع بين الأمرين ، اللهم إلاّ الجامع الانتزاعي مثل «ما يتوجَّه به إلى الله» لكنّه غير موضوع له لفظ «الصَّلاة» بالوضع الحقيقي ، وإنْ قلنا بجواز استعماله فيه مجازاً ، لزم القول بكونه في جميع موارد استعماله في القرآن مجازاً ، وهذا لا يلتزم به.
وذكر السيد البروجردي معنىً آخر ، وهو : إنّ للقرآن مراتب بحسب مراتب النفوس الإنسانية ، فهي معانٍ طوليّة يدركها الأشخاص بحسب مراتبهم النفسيّة ، فكلّما تقدّمت النفس في الكمال تمكّنت من درك وفهم المعنى الأرقى والأدق ، كلفظ «التقوى» مثلاً ، حيث يفهم الصدّيقون منه ما لا يفهمه غيرهم.
فقال الاستاذ دام ظلّه : هذا الوجه متين ، والنفس كلّما تقدّمت في الكمال أدركت المعاني والحقائق الأدق والأعمق والأجل ، لكنّ المشكل هو أنه لا بدَّ من تصحيح وتوجيه استعمال الألفاظ القرآنية في تلك المعاني المختلفة المتعدّدة ، وتصحيح الاستعمال فيها لا يكون إلاّ عن طريق دعوى كون الألفاظ موضوعةً للمعاني الكليّة ، ويكون كلّ واحد من المعاني مصداقاً له ، أو دعوى كونها موضوعة لمعانيها الحقيقية المنفردة الواحدة ، وتلك المعاني لوازم ، وصاحب هذا الوجه قد أبطل كلتا الدعويين ، ولم يوافق على
__________________
(١) سورة العنكبوت : ٤٥.